فلما أصبح وجه إليه معاوية بالقوم الذين أعدهم له، فشهدوا عنده أن عليا قتل عثمان، قال: فعندها أقبل شرحبيل حتى دخل على معاوية فقال: يا هذا! لقد شهد عندي العدول أن عليا قتل الخليفة ظلما، ووالله لئن أنت بايعته لتخرجنك من الشام! فاردد الرجل إلى صاحبه، فوالله ما لصاحبه عندنا إلا السيف. قال: فجعل ابن أخت شرحبيل (1) يقول أبياتا من الشعر مطلعها:
رمى شرحبيل بالدواهي وقد رمى * هنالك (2) بالسهم الذي هو قاتله إلى آخرها.
قال: فهم معاوية بقتل قائل هذا الشعر، فهرب حتى صار إلى علي بن أبي طالب، وحدثه الحديث على جهته من أوله إلى آخره، فقربه علي وأدناه وفرض له في أصحابه.
قال: وبعث النجاشي شاعر علي إلى شرحبيل بن السمط الكندي أبياتا من الشعر مطلعها:
أيا شرح ما للدين فارقت أمرنا * ولكن لبغض المالكي جرير (3) إلى آخرها.
قال: فلم يلتفت شرحبيل إلى هذه الأبيات وأقبل حتى دخل على جرير بن