بأن عليا قتل عثمان، ولتكن المستشهدون أهل الرضا فإنها كلمة جامعة، فإن علقت الشهادة بقلبه لا يخرجها شيء أبدا.
قال: فدعا معاوية يزيد بن أسد (1)، وبسر بن [أبي] أرطاة، ومخارق بن الحارث، وحمزة بن مالك، وحابس بن سعد الطائي، وأبا الأعور السلمي، والضحاك بن قيس الفهري، وذا الكلاع الحميري، والحصين بن نمير السكوني، وحوشب ذا الظلم - وهؤلاء رؤساء الشام يومئذ - فجمعهم معاوية ثم قال: أتدرون لماذا جمعتكم؟ قالوا: لا علم لنا بذلك، فقال: إن شرحبيل بن السمط سيد من سادات قومه وهو عدو لجرير بن عبد الله البجلي، وقد عزمت أن أكتب إليه ليصير إلي فإذا قدم علي أخبرته أن عليا قتل الخليفة عثمان بن عفان، فإن طلب مني شهادة كنتم أنتم الشهود لي على ذلك، فقال القوم: كفئت يا معاوية! فوجه إليه.
فعندها كتب إليه معاوية وشرحبيل يومئذ بمدينة حمص: أما بعد! فإن جريرا قدم علينا من عند علي بن أبي طالب بأمر فظيع، فاقدم إلينا رحمك الله! فإننا نريد أن نستشيرك في أمرنا، وقد حبسنا عليك أنفسنا وعلى مشورتك - والسلام -.
قال: فلما ورد كتاب معاوية على شرحبيل وقرأه أقبل إلى عبد الرحمن بن غنم (2) الأزدي وهو صاحب معاذ بن جبل وكان أفقه أهل الشام، فاستشاره في المسير إلى معاوية، فقال عبد الرحمن: ويحك يا شرحبيل! إن الله تعالى لم يزل يريد بك خيرا مذ هاجرت إلى وقتك هذا! وإنه لم ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأنت رجل من خيار كندة، وإن القالة قد فشت في الناس أن عليا قتل عثمان، ولو كان علي قتله لما بايعه المهاجرون والأنصار وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الحكام على الناس! وإنما معاوية إنما يدعوك إلى نفسه ليأخذ من دينك ويعطيك من دنياه كما فعل بعمرو بن العاص، فإن كان ولا بد أن تكون أميرا فسر إلى علي بن أبي طالب، فإنه أحق الناس بهذا الامر من معاوية وغير معاوية، ثم جعل يقول أبياتا مطلعها (3):