كانت الشام قبل شرح وبيل * لعلي ظهرا له حدباء إلى آخرها.
قال: فقطع عليه معاوية كلامه ثم قال: من هذا الأسد الورد (1)؟ فقال: هذا والله علي بن أبي طالب أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه وزوج ابنته وأبو سبطيه الذي قتل جدك وعم أمك وأخاك وخالك يوم بدر! فأنت تطالبه في الاسلام بما فعل في قومك الكفرة الفجرة. فقال معاوية: خذوه! فوثب إليه غلامان من غلمان معاوية، وقام إليه شرحبيل فقال: كف عنه يا معاوية! فإنه رجل من سادات قومه، فلا تؤذيه فأنقض والله ما في عنقي من بيعتك، قال معاوية: فإني قد وهبته لك.
قال: فهرب الرجل إلى مصر، ثم كتب إلى علي رضي الله عنه أبياتا من الشعر مطلعها:
ألا أبلغ أبا حسن عليا * فكفى بالذي تهوى طويله إلى آخرها.
قال: وأقبل سعيد بن قيس الهمداني إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين! إن شرحبيل رجل عمي القلب وقد سار في مدائن الشام فاستنفرهم إلى حربنا، فأذن لي أن أكتب إليه كتابا فلعلي أشككه فيما هو فيه، فقال علي: اكتب ما أحببت.
فكتب إليه سعد بن قيس: أما بعد يا شرحبيل: فإن أهلك من أرض اليمن غير أنك هاجرت إلى الكوفة وانتقلت إلى الشام فكنت بها ما شاء الله، حتى إذا قتل عثمان وبايع الناس عليا عبى لك معاوية رجالا لا يعرفون الحلال ولا ينكرون الحرام، فاختدعوك وشهدوا عندك أن عليا قتل عثمان، ولو نظرت بعقلك لعلمت أن ذلك باطل وزور، ولو كان على ما شهدوا عندك أن عليا قتل عثمان لما بايعه