قال: فلما سمع معاوية شعر أخيه عتبة بعث إلى عمرو فدعاه وأعطاه مصر، وكتب له بها كتابا وأثبت في الكتاب: لا ينقض طاعة شرطا ولا شرط طاعة، وأخذ عمرو الكتاب وانصرف إلى منزله مسرورا، فقال له ابن عم له: أبا عبد الله! ما لي أراك فرحا مستبشرا وقد بعت دينك بدنياك، أتظن أن أهل مصر يسلمون إليك مصر وهم الذين قتلوا عثمان بن عفان؟ فتبسم عمرو ثم قال: يا بن أخ! إن الامر لله عز وجل دون علي ومعاوية، قال: فأنشأ ذلك الفتى يقول شعرا (1). قال: فقال له عمرو: يا بن أخ! إني لو كنت مع علي لوسعني بيتي ولكني مع معاوية، فقال له الفتى: أما معاوية فإنه لم يردك ولكنه أراد دينك وأردت دنياه - والسلام -.
قال: وبلغ ذلك معاوية وما تكلم به الفتى معه وهم بقتله، فهرب فصار إلى علي رضي الله عنه فحدثه بالقصة وكيف بايع عمرو معاوية، فقربه علي وأدناه وفرض له في كل أصحابه.
قال: وغضب مروان بن الحكم، ثم دخل على معاوية فقال: ما لي لا أشترى كما يشترى غيري، فقال معاوية: إني (2) إنما ابتاع الرجال لك، قال:
فسكت مروان.
قال جعفر بن محمد يحدث عن أبيه عن عبادة بن الصامت أنه نظر إلى معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين، فجاء حتى جلس بينهما فقال له أحدهما: أما لك مكان غير هذا؟ فقال عبادة: بلى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وقد نظر إليكما فأطال النظر ثم قال: (إذا رأيتم معاوية وعمرا مجتمعين ففرقوا بينهما فإنهما لا يجتمعان على خير).
قال: وأصبح معاوية بعد ما بايعه عمرو بن العاص فإذا برقعة مطوية على بساطه، فأخذها ونظر فيها، فإذا فيها أبيات من الشعر. قال: فدعا معاوية