وسع عليك، فإن ظفر أهل الدين عشت في دينهم، وإن ظفر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك، فقال عمرو: يا وردان! الآن أقعد في بيتي وقد (1) سمعت العرب بتحريكي إلى معاوية، ارحل يا وردان! فرحل وردان، وأنشأ عمرو يقول شعرا (2).
قال: وسار عمرو حتى قدم على معاوية، فقربه وأدناه ورفع مجلسه ثم قال:
أبا عبد الله! إنه قد طرقتنا من هذه الليلة أخبار (3) ليس منها ورد ولا صدر، فقال عمرو: وما ذلك يا معاوية؟ فقال معاوية أما أحد الاخبار فإن محمد بن [أبي] حذيفة كسر سجن مصر فخرج منه وخرج معه أصحابه، وقد علمت أنه [من] أفات الدين (4)، والخبر الثاني أن قيصر ملك الروم قد زحف بخيله ورجله ليغلب على الشام، والخبر الثالث أن (5) علي بن أبي طالب نزل الكوفة فتهيأ للمسير إلى ما قبلنا، فهات ما عندك! فقال عمرو: كل ذلك عظيم، فأما محمد بن أبي حذيفة فتبعث إليه بالخيل فإما أن يقتل وإما أن يهرب، ولن يضرك هربه، وأما ملك الروم فتهدي إليه الهدايا من أواني الذهب والفضة وغير ذلك من أنواع الهدايا من طرائف الشام وتسأله الموادعة، فإنه يجيبك إلى ذلك، وأما علي بن أبي طالب فلا والله لا تخالفه ولا تقاتله. قال معاوية: ما قد قطع الرحم وفتن الأمة وشق العصا وقتل الخليفة وعصى ربه، وقتل ونقض ما كان في عنقه من بيعة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، فقال عمرو: مهلا يا معاوية! فإن عليا أوحد الناس في الفضائل، وليس لك مثل هجرته ولا سابقته ولا صهارته ولا قرابته ولا قدمته ولا شجاعته، وإن له من الحرب حظا سنيا ليس لاحد مثله، وإن له جدا وحدا (6) وحظوه في العرب، وبلاء من الله