ورسوله حسنا جميلا، فقال معاوية: صدقت يا أبا عبد الله! هو كذلك، ولكنا نقاتله على ما في أيدينا ونلزمه دم عثمان بن عفان، فضحك عمرو من ذلك ثم قال:
واعجباه لهذا الكلام الذي أسمعه منك يا معاوية! إنه قد يجب علي وعليك أن لا نذكر شيئا من أمر عثمان، أما أنت فخذلته حين استغاث بك وهو محصور بالمدينة فلم تنصره، وأما أنا فإني تركته عيانا وذهبت إلى فلسطين، فقال معاوية: إني لو أردت أن أخدعك لخدعتك، فقال عمرو: ليس مثلي يخدع، فقال معاوية:
صدقت، وإني أحب أن أقول شيئا فهات أذنك! فناوله عمرو أذنه، فعضها معاوية، فقال: أبا عبد الله! خدعتك أم لا؟ هل في البيت غيري وغيرك؟ كيف تدفع إلي أذنك وما معنا ثالث إلا الله تعالى؟ ولكن دع عنك هذا وهات فبايعني! فقال عمرو:
أذنك وما معنا ثالث إلا الله تعالى؟ ولكن دع عنك هذا وهات فبايعني! فقال عمرو:
لا والله! ما أعطيك من ديني شيئا أو آخذ منك مثله، فهات ما الذي تعطيني، فقال معاوية: أعطيك رضاك، قال عمرو: رضاي أرض مصر، قال معاوية: إن مصرك كالعراق، قال عمرو: صدقت، إنها لكذلك، ولكنها تكون لي إذا كانت العراق لك، قال: فثقل ذلك على معاوية وأبى أن يعطيه أرض مصر، وخرج عمرو فصار إلى رحله، وبعث معاوية عليه عينا ليسمع ما يقول. فلما جن عليه الليل رفع صوته وأنشأ يقول شعرا (1).
قال: فلما أصبح معاوية أقبل إليه أخوه عتبة فقال: أخبرني عنك، ألا (2) ترضى أن يأخذ عمرو بن العاص مصر وقد عزم أن يبيعك خيط رقبته؟ أعطه ما سألك! فإنك في وقتك هذا لا مصر في يدك ولا غيرها، ثم أنشأ في ذلك يقول شعرا (3).