عبيد الله بن عمر إلا خوفا من علي أن يقع في يده فيقتله (1)! ولكن لا عليك أن تأمره أن يخطب. فأرسل إليه معاوية فدعاه ثم قال له: يا بن الأخ! إن لك اسم أبيك فانظر بملء عينك وتكلم بملء فيك، فأنت المأمون المصدق، أريد منك أن تشتم لي عليا وتشهد لي عليه بقتل عثمان! فقال له عبيد الله: أما الشتيمة فإنه علي بن أبي طالب بن هاشم، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، فما عسى أن أقول في نسبه (2)، وأما حسبه (3) فهو والله الشجاع المطرق! وأما أيامه فقد عرفتها أنت يا معاوية! ولكني ألزمه دم عثمان. فقال عمرو بن العاص: يا بن أخ لقد نكأت القرحة وما نريد منك غير هذا.
قال: فلما طلع عبيد الله من عند معاوية قال معاوية لعمرو: القول والله على ما قلت! والله لولا خوفه من علي أن يقتله بالهرمزان لقد رأيته بالشام أبدا، ألم تسمع تقريظه لعلي وقوله فيه: أبوه كذا وأمه كذا وبأسه كذا؟ فقال عمرو: أتنكر يا معاوية أن عليا كما قال عبيد الله بن عمر؟ والله! إن عليا لكما قال وفوق ما قال، غير أننا قد ملنا إلى هذه الدنيا، فليس نعقل ما نأتي وما ندع.
قال: وخرج حديث معاوية وعمرو إلى عبيد الله بن عمر، فقام في الناس خطيبا كما أمره معاوية، فحمد الله وأثنى عليه وتكلم بحاجته، حتى إذا بلغ إلى أمر علي وعثمان أمسك ونزل عن المنبر، فقال له معاوية: يا بن أخي! إنك بين عي وخيانة، فما منعك من ذكر علي وعثمان؟ فقال: إني كرهت أن أقطع الشهادة على رجل لم يقتل عثمان، وعلمت أن الناس يحملونها عني.
قال: فهجره معاوية واستخف به، فأنشأ عبيد الله بن عمر في ذلك أبياتا مطلعها:
معاوي لم أخرس بخطبة خاطب * ولم أك عيا في لؤي بن غالب (4)