وإن لم يكن بنو سعد بن زيد مناة بن تميم نصرتك يوم الجمل فإنها تنصرك اليوم، وذلك أنهم شكوا في طلحة والزبير ولم يشكوا في معاوية، وعشائرنا بالبصرة، فإن رأيت كتبنا إليهم، فقدموا علينا فقاتلنا بهم عدوك، وانتصفنا بهم من الناس، وأدركوا اليوم ما فاتهم بالأمس. قال: وتتابعت بنو تميم على قول الأحنف، فقال له علي رضي الله عنه: قد آذنت لك انجز فاكتب إلى قومك.
قال: فكتب الأحنف إلى قومه من بني سعد (1): أما بعد! فإنه لم يبق أحد من بني تميم إلا وقد أخذوا (2) برأي سيدهم غيركم، وبرأيه فيكم نلتم ما رجوتم وأمنتم ما خفتم، وأخبركم أننا قدمنا على قومنا من تميم الكوفة، فأخذوا علينا بفضلهم وواسونا بأنفسهم وأنزلونا ديارهم وأحشمونا ببرهم، حتى كدنا لا نعرف إلا بهم، وقد عزموا على المسير إلى الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فأقبلوا إلينا ولا تتباطوا، فإن من العطايا حرمانا ومن النصر خذلانا، فحرمان العطاء القلة وحرمان (3) النصر الابطاء، ولن تقضى الحقوق إلا بالرضا، وقد يرضى المضطر بدون الامل - والسلام -: ثم أثبت في أسفل هذا الكتاب شعرا (4) قال: فلما ورد كتاب الأحنف وشعر ابن أخته (5) على بني تميم بالبصرة ساروا بأجمعهم إلى الكوفة وبايعوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال: شاور علي أصحابه فقال: إنكم قد علمتم أن البغي لا خير فيه، ولكن أشيروا علي برجل قد أحكمته التجارب أوجه به إلى معاوية، فلعله أن يرتدع عما هو عليه، فإن فعل وإلا فما أقدرنا على ما نريد من حربه.
قال: فوثب جرير بن عبد الله البجلي فقال: يا أمير المؤمنين! ابعثنى إليه رسولا فإنه لم يزل لي متنصحا ووادا، فآتيه وأدعوه إلى أن يسلم لك هذا الامر ويلزم