الثاني هل هو طلاق أم لا، وهذا إن كان إجماعا فهو الحجة في حكمه، وإلا فلا يخلو من إشكال، لأن النصوص (1) إنما دلت على توقف الخلع على الكراهة، وظاهر حال الطلاق بعوض أنه مغاير له وإن شاركه في بعض الأحكام " وقد تكرر منه هذا الكلام في المسالك والروضة، وأنكر عليه سبطه معترفا بعدم الموافق له على ذلك من المتقدمين والمتأخرين.
وقد أطنب في الحدائق في بيان فساده بعد أن حكى ما وقع له من ذلك في المسالك والروضة في مواضع، وحكى عن بعض معاصريه موافقته له في ذلك، وأنهم طلقوا بالعوض جملة من النساء مع عدم كراهة، فضلا عن الجهل بالحال.
ولقد عثرت على رسالة كبيرة مصنفة في هذه المسألة للعالم الرباني المحقق المدقق الميرزا أبي القاسم القمي قدس سره وهو وإن أبدع فيها وذكر فيها أنه منذ أربعين سنة أو أزيد كان على خلاف ما ذكره الشهيد ولكنه ظهر له بعد ذلك صحته، وصنف الرسالة المزبورة التي هي وإن أبدع فيها لكنها أوفق بفقه الأعاجم المبني على التجشم والتدقيق المعلوم كونه على خلاف طريقة المعتدلين من أهل الفن، وكان منشأ الوهم ما وقع للمصنف وغيره من ذكر حكم الخلع مستقلا، وذكر حكم الطلاق بعوض غير مرة، وما وقع لبعضهم كالفخر والمقداد وأبي العباس في تعريف الخلع مما يقتضي كون الطلاق بعوض مفهوما آخر غير الخلع، ومن ذلك ونحوه نشأ الوهم في أنه شئ مستقل يوافق الخلع ويفارقه، بل ظاهر بعض كلمات القمي في رسالته المزبورة أنه حيث يكون موافقا للخلع يقصد به معنى الخلع لا الطلاق ولقد أشرت سابقا إلى ما يفسد هذا كله، فلاحظ وتأمل.
ولكن نزيدك هنا أنه ليس في شئ من النصوص طلاق العوض أو طلاق الفداء، نعم فيها " أن الخلع والمباراة طلاق (2) " وظاهرها كالفتاوى إرادة الفردية