وبالجملة فالظاهر أن اتفاق الأصحاب على المسألة في المقام ليس إلا لما ذكرناه الذي قد عرفت جريانه في نظائر المسألة، وإلا لم نقف لهم على دليل خاص، وحينئذ فإن رجع ذلك إلى أحد الأقوال الخمسة فمرحبا بالوفاق، وإلا كان قولا سادسا، وهو أقواها، والتمليك المزبور إن شئت جعلته من القرض بعوض، أو من التمليك به، نحو الهبة المعوضة، أو من التمليك المجاني حيث لا يكون عوضا أو نحو ذلك، فإنه بعد أن صار وكيلا عنه بأمره له وسؤاله إياه صار موجبا قابلا إذا كان الموكل فيه متوقفا على إدخال في ملك مثلا، إذ التوكيل في شئ توكيل في لوازمه، ونحوه ما لو قال له: " اشتر لي كذا بثمن منك " أو " زوجني فلانة بمهر منك " فإن المهر والثمن يدخلان في ملك الموكل بفعل ما وكل فيه على الوجه الذي وكله عليه، وهذا الأمر جار في كثير من الأبواب، مفروغ من صحته، بل هو نحو ما لو قال المالك: " أعتق عبدي عن كفارتك بكذا " مثلا فأعتقه، فإنه يدخل في ملكه بذلك بعد تقدم الكلام المزبور من المالك الذي صار كالايجاب لو فرض وقوع العتق مقارنا له، وإلا كان توكيلا له في تملك العبد متى شاء بالثمن المزبور.
ومن ذلك يعرف النظر في كثير من الكلمات في المقام، بل يظهر النظر فيما ذكره الفخر من تخصيص صحة المسألة فيما لو وقعت على جهة الفورية دون التراخي بناء منه على أن مفروض المسألة من الايجاب، والقبول المعتبر فيهما ذلك، ولم يتفطن إلى التوكيل الذي لا يعتبر فيه ذلك، ومن هنا كان ظاهر المصنف وغيره الاطلاق في فرضها، فلاحظ وتأمل.
وقيل: إنه يحصل بالأمر المقترن بصيغة العتق، فيكون تمام الصيغة كاشفا عن سبق الملك عليها، وعدم إيقاعها بعد الاستدعاء أو قطعها أو وقوع خلل فيها دال على عدم حصول الملك بالأمر، لعدم حصول ما يعتبر في صحته، وهو اقترانه بالأمر بالعتق، وأورد عليه في المسالك بأن الاقتران المذكور يكون شرطا في سبق الملك،