لكن قد يناقش بالمنع من دخوله في ملكه بمجرد ذلك، لأنه ليس من الأسباب الشرعية لذلك، ومن هنا كان المحكي عن ابن إدريس صحته عن المعتق، لأنه ملكه، ولا عتق إلا في ملك، وفيه أنه كالاجتهاد في مقابلة النص بعد الاجماع المحقق على الصحة عن السائل.
نعم قد يقال: إنها أعم من الدخول في الملك وإن كان الخبر (1) " لا عتق إلا في ملك " إلا أنه يجب تخصيصه بالصورة المزبورة للاجماع المزبور، فلا داعي إلى دعوى الدخول في الملك كي يقال متى دخل وبأي سبب دخل، ولكن في الإيضاح عن المبسوط في كتاب الطهارة " أنه نص على انتقاله للأمر - ثم قال -: ولا خلاف فيه، لقوله عليه السلام (2) لا عتق إلا في ملك ".
اللهم إلا أن يمنع ذلك عليه، ويقال: إن مراد الشيخ بانتقاله للأمر صيرورة العتق له، لا انتقال ملكية العبد له، أو يقال: إن الوجه في دخوله في ملكه هو أنه لما أمره بما لا يصح منه إلا بعد ملكه له كان كالوكيل عنه في ذلك، ضرورة كون الإذن في الشئ إذنا في لوازمه، فيكفي حينئذ في إدخاله في ملكه عتقه العبد بعنوان أنه له، إذ هو موجب قابل للتمليك موقع للعتق، نحو قول القائل مثلا: " اشتر لي عبدا بكذا منك " ومن المعلوم أن المثمن لا يكون إلا لمن له الثمن، فإذا اشتراه بعين ماله بعنوان أنه للآمر دخل الثمن في ملكه بالشراء بعنوان أنه له، فيكون موجبا قابلا بالنسبة إلى ذلك، وهذا باب واسع في الفقه كثير النظائر، ومنه ما نحن فيه، فإنه إذا قال له: " أعتق عبدك - مثلا - عني " والمفروض أنه لا عتق إلا في ملك كان أمرا له بادخاله في ملكه، فمع إعتاقه بعنوان أنه له كان ذلك إيجابا وقبولا بالنسبة إلى التمليك، وإيقاعا بالنسبة إلى الحرية، ولا تنافي بينهما، وكان هذا هو السبب في اجماعهم في المقام على الصحة.
نعم يبقى الاشكال في قول المصنف (و) غيره: (لم يكن له) أي المعتق