المقام عند التأمل إلا كشئ متحد تعددت الأوامر به.
نعم قد يقال: إن ظاهر النصوص المزبورة كون التداخل مع فرض عروض السبب في أثناء مقتضي الأول، بمعنى استئناف عدة للمتجدد تكون هي متممة لما بقي من العدة الأولى، وعدة تامة للآخر، لا أن المراد عدم تأثير الثاني أصلا مع فرض عروضه في أثناء عدة الأول، حتى أنه يجتزأ بما بقي من اللحظة مثلا من عدة الشبهة لو فرض وقوع الطلاق في أثنائها، وكأنه واضح الفساد.
وعلى كل حال فدليل التداخل ما سمعت، ومن هنا مال جماعة من متأخري المتأخرين إلى قول ابن الجنيد، حاملين أخبار التعدد على الندب، أو على التقية التي يشهد لها - مضافا إلى ما سمعت من كونه فتوى عمر - خبر زرارة (1) " سألت أبا جعفر عليه السلام عن امرأة نعي إليها زوجها فاعتدت وتزوجت، فجاء زوجها الأول ففارقها وفارقها الآخر، كم تعتد للناس؟ قال: ثلاثة قروء إنما تستبرئ رحمها بثلاثة قروء وتحل للناس كلهم، قال زرارة: وذلك أن الناس قالوا:
تعتد عدتين، من كل واحدة عدة، فأبى ذلك أبو جعفر عليه السلام، وقال: تعتد بثلاثة قروء، وتحل للرجال ".
ومرسل يونس (2) في امرأة نعي إليها زوجها، فتزوجت، ثم قدم الزوج الأول فطلقها وطلقها الآخر، فقال إبراهيم النخعي عليها أن تعتد عدتين، فحملها زرارة إلى أبي جعفر عليه السلام، فقال: عليها عدة واحدة " إلا أن الجميع كما ترى بعد ما عرفت من الشهرة العظيمة، فضلا عن الاجماع المحكي، بل يمكن دعوى تحصيله، فلا مكافئة حتى يجمع بينهما بذلك.
ودعوى عدم معقولية التعدد هنا واضحة المنع، ضرورة أن العدة إنما هي تربص مدة من الزمان عن التزويج، والاتصال بالسبب غير معتبر في مفهومها شرعا ولا لغة، نعم ظاهر الأدلة فوريتها، فمع فرض التعدد يكون الفورية حينئذ على