الطلاق العدي من الرجعة والمواقعة، فيراد حينئذ بيان نفي الفاقد لأحدهما عن كونه من العدي.
وعلى كل حال فالأمر في ذلك سهل وإن كان الأولى منه ما قلناه من بيان ضرب من الأولوية والكراهة، والوجه في ذلك أنه قد اشتهر بين العامة صحة الطلاق في مجلس واحد بالارسال والترتيب من دون تخلل رجعة، ولهذا أشار عليه السلام (1) إلى ردهم في الثاني بأنه طلق مطلقة، فلا ريب في أن المراد من هذه النصوص التعريض بهم، وأن أولى الأفراد ما كان أبعد عما عندهم، وهو المشتمل على المراجعة والمواقعة المستلزمة لاعتبار طهر آخر غير الأول، ودونه الطلاق بعد الرجعة في طهر آخر غير الأول، ودونهما الطلاق في ذلك الطهر بعد المراجعة، والكل غير ما عندهم من تعدد الطلاق من غير تخلل رجعة، ولكن الأفضل الفرد الأول، وهو الذي أشار إليه الإمام عليه السلام بكون غيره مخالفا للسنة، أي المستحب، ولهذا ذكره بلفظ " ينبغي " كما ذكر الباقر عليه السلام ما صنعه هو (2).
وبالجملة من تأمل في النصوص يكاد يجزم بكون المراد منها ذلك، وأنها خرجت لبيان هذا الأمر.
وبذلك كله ظهر لك أن الاطناب في المسالك والحدائق في المقام لا حاصل له، خصوصا بعد استقرار كلمة الأصحاب من زمن ابن أبي عقيل إلى يومنا هذا على ذلك إلا من بعض أهل الوسوسة ممن لم يعض على الأمر بضرس قاطع، والله العالم.
وربما جمع بين النصوص بأنه إن كان غرضه من الرجعة التطليقة الأخرى إلى أن تبين منه فلا يتم مراجعتها، ولا يصح طلاقها بعد المراجعة، ولا تحسب من الثلاث حتى يمسها، وإن كان غرضه من الرجعة أن تكون في حباله، وله فيها حاجة ثم بدا له أن يطلقها فلا حاجة إلى المس، ويصح طلاقها، ويحسب من الثلاث،