ولقد كرهت ما أرادوا فقال ثابت أين تكون حتى يأتيك ما قدر لك قال أنا عند المحل الطفاوي رجل من قيس من يعصر وكان المحل شيخا صاحب شراب فنزل رقبة عنده قال فبعث ثابت إلى رقبة بخمسمائة درهم مع علي بن المهاجر الخزاعي وقال إن لنا تجارا قد خرجوا من بلخ فإذا بلغك أنهم قد قدموا فأرسل إلى تأتك حاجتك فأتى على باب المحل فدخل فإذا رقبة والمحل جالسان بينهما جفنة فيها شراب وخوان عليه دجاج وأرغفة ورقبة شعث الرأس متوشح بملحفة حمراء فدفع إليه الكيس وأبلغه الرسالة وما كلمه وتناول الكيس وقال له بيده اخرج ولم يكلمه قال وكان رقبة جسيما كبيرا غائر العينين ناتئ الوجنتين مفلج بين كل سنين له موضع سن كأن وجهه ترس قال فلم أضاق أصحاب موسى واشتد عليهم الحصار قال يزيد بن هزيل إنما مقام هؤلاء مع ثابت والقتل أحسن من الموت جوعا والله لأفتكن بثابت أو لأموتن فخرج إلى ثابت فاستأمنه فقال له ظهير أنا أعرف بهذا منك إن هذا لم يأتك رغبة فيك ولا جزعا لك ولقد جاءك بغدرة فاحذره وخلني وإياه فقال ما كنت لا قدم على رجل أتاني لا أدرى أكذلك هو أم لا قال فدعني أرتهن منه رهنا فأرسل ثابت إلى يزيد فقال أما أنا فلم أكن أظن رجلا يغدر بعد ما يسأل الأمان وابن عمك أعلم بك منى فانظر ما يعاملك عليه فقال يزيد لظهير أبيت يا أبا سعيد إلا حسدا قال أما يكفيك ما ترى من الذل تشردت عن العراق وعن أهلي وصرت بخراسان فيما ترى أفما تعطفك الرحم فقال له ظهير أما والله لو تركت ورأيي فيك لما كان هذا ولكن أرهنا ابنيك قدامة والضحاك فدفعهما إليهم فكانا في يدي سهير قال وأقام يزيد يلتمس غرة ثابت لا يقدر منه على ما يريد حتى مات ابن لزياد القصير الخزاعي أتى أباه نعيه من مرو فخرج ثابت متفضلا إلى زياد ليعزيه ومعه ظهير ورهط من أصحابه وفيهم يزيد ابن هزيل وقد غابت الشمس فلما صار على نهر الصغانيان تأخر يزيد بن هزيل ورجلان معه وقد تقدم ظهير وأصحابه فدنا يزيد من ثابت فضربه فعض السيف برأسه فوصل إلى الدماغ قال ورمى يزيد وصاحباه بأنفسهم في نهر الصغانيان
(٢٠٢)