أن يعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم، فاشترى الوصي بأقل من خمسمأة درهم وفضلت فضلة فما ترى في الفضلة؟ قال تدفع إلى النسمة من قبل أن تعتق، ثم تعتق عن الميت، المحمول على صورة تعذر الموصى به، ولو بقرينة حمل فعل المسلم على الوجه الصحيح، فلا يكون ترك الاستفصال فيه دليلا على العموم، ومع التسليم يخص بظاهر اتفاق الأصحاب على عدم الجواز إلا مع التعذر ترجيحا لعموم " من بدله " عليه، وسماعة وإن كان واقفيا إلا أنه ثقة، فيكون الخبر من الموثق الذي قد فرغنا من اثبات حجيته في الأصول، على أنه منجبر بالشهرة، أو عدم الخلاف، ولعل في قوله (عليه السلام) " قبل أن تعتق " إشارة إلى ما ذكرناه من قرب ذلك إلى الموصى به، باعتبار صيرورة دفع بقية المال إليها بمنزلة شرائها بالثمن المعين، فتأمل جيدا.
الفصل (الرابع في الموصى له) (ويشترط فيه الوجود) حال الوصية (فلو كان معدوما لم تصح الوصية له كما لو أوصى لميت، أو لمن ظن وجوده، فبان ميتا عند الوصية، وكذا لو أوصى لما تحمله المرأة) في الزمان المستقبل (أو لمن يوجد من أولاد فلان) بلا خلاف أجده في شئ من ذلك بل عن نهج الحق والتذكرة الاجماع عليه، للأصل المقتصر في تقييده بالمنساق من اطلاقات الوصية في الكتاب والسنة على الوصية للموجود على أن المراد هنا الوصية التي قد عرفت كونها تمليك عين أو منفعة، والمعدوم ليس له أهلية التملك ولا قابليته ضرورة كون الملك من الصفات الوجودية التي لا تقوم بالمعدوم، بل لا يتصور قيامها فيه، بل مرجع ملك المعدوم إلى الملك بلا مالك، وما ثبت في الوقف من صحته على المعدوم تبعا للموجود، إنما هو بمعنى جعل الشارع عقد الوقف سببا لملك المعدوم بعد وجوده، فالوجود حينئذ كالقبض أحد أجزاء العلة التامة في ثبوت الملك له، لا أنه مالك حال عدمه، وإلا كان وجوده كاشفا عن تحقق شركته مع الموجود من أول الأمر، وهو معلوم البطلان، وهذا شئ لا مانع عقلا ولا نقلا من شرع الشارع له، كما أنه شرعه لاثبات الملك للموجود ما دام موجودا على وجه ينتقل عنه الملك بموته، ويتلقاه الآخر من الواقف، لا من الموقوف عليه، على خلاف قياس باقي