(و) على كل حال فما عن بعض العامة - من عود المسجد بما عرفت إلى ملك الواقف قياسا على ما (لو أخذ السيل) مثلا (ميتا فيئس منه كان الكفن للورثة) لجامع تعذر المصرف في الموضعين - واضح الضعف، ضرورة أن الكفن الذي هو من التركة قد كان ملكا لهم بموت الميت، وإن وجب عليهم صرف ذلك في تكفينه فإذا أزال الموجب عاد إلى ما كان، كما يعود إلى الزكاة أو إلى الوقف أو إلى باذله إن كان منها، بل لو قلنا أن مقدار الكفن من التركة على حكم مال الميت، فالحكم كذلك أيضا لمعلومية تقييده بما دام الميت محتاجا إليه، وإلا دخل في الإرث.
المسألة (الثامنة: إذا انهدمت الدار) ولم يبق من آثارها شئ (لم تخرج العرصة) بذلك (عن الوقف ولم يجز بيعها) بلا خلاف أجده فيه بين من تعرض له، كالفاضل والشهيدين وغيرهم، لأن الخراب لا يصلح لنقض الوقف وابطاله، مع بنائه على التأبيد، وعلى عدم جواز بيعه، ولأن العرصة من جملة الموقوف، وهي باقية، بل لم يحكوا الخلاف في ذلك إلا عن بعض العامة، فجوز بيعها، إذا انهدمت، ولم يمكن عمارتها كالمسجد، وفي المسالك تقييده في غير الأرض الخراجية على نحو ما سمعته في المسجد ".
قلت: لا ريب في أن الحكم كذلك مع فرض وقوع عقد الوقف عليها من حيث نفسها، و إن قارن بذلك كونها دارا، فينتفع بها حينئذ بزرع ونحوه مما تكون قابلة له، إذ لا حصر للانتفاع بها في الدارية، وإن كانت حال الوقف دارا، إلا أن يصرح بالاشتراط.
نعم قد يشكل تغييرها اختيارا كما نص عليه في محكي التذكرة قال: لا يجوز تغيير الوقف عن هيئته، فلا يجوز جعل الدار الموقوفة بستانا ولا حماما، ولا بالعكس، ولو تعذر الاستمرار صار إلى أقرب الأوصاف، وعن الكاظم (عليه السلام) (1) فيما وقفه " لا يحل لمؤمن بالله تعالى واليوم الآخر أن يبيعها، ولا يبتاعها، ولا ينحلها ولا يغير شيئا منها " إلى آخره، اللهم إلا أن يحمل ذلك منه لبيان الاشتراط منه (عليه السلام). كما يحمل كلام التذكرة على وقف الدار الملحوظ في وقفها داريتها، لكن لا يخفى أنه لا داعي إلى هذا الحمل،