وصلة الأرحام، وربما كان فيه تأليف لقلوبهم وميلهم إلى الاسلام، ولأن " كل كبد حراء أجر (1) " والنهي عن الموادة من حيث كونه محادا ومحاربا، وإلا لحرم محادثتهم والتعارف معهم ونحوه، وتحريم تغييره من حيث كونه وقفا، لا ينافي جوازه من حيث كونه مال حربي، لا أقل من أن يكون التعارض من وجه، ولا ريب في رجحان الأخير، ومع الاغضاء عن ذلك كله، فالنهي عن الموادة لا يقتضي الفساد إذا كانت في عقد من العقود بل أقصاها الإثم.
ولكن فيه - بعد امكان إرادة خصوص الذمي الذي ستعرف الحال فيه من الاطلاق كما عن الشهيد وجماعة، وأن يراد من معقد الاجماع المزبور ما لا يشمل الوقف عليهم، الذي هو أولى بالمنع من الوصية التي أطبقوا على ما قيل إلا من شذ على عدم جوازها بل ظاهر المبسوط الاجماع على ذلك - أن ضرورة الشريعة تقتضي الحث على قطع رحم الكفر، وعلى الإساءة لهم بكل ما يمكن، لأنهم شر دواب الأرض المؤذية وأن الفساد على تقدير اعتبار القربة فيه واضح، لمعلومية عدم كون العبادة محرمة، بل وعلى العدم أيضا للنهي عن نفس العقد الذي هو فرد المقتضي للبر والموادة كالنهي عن فرد الإعانة على الإثم، وليس هو لأمر خارجي كالبيع وقت النداء، والظاهر أن ذلك مبنى الفساد عندهم، لا ما في الرياض من عدم صلاحية الحربي للملك الذي هو مقتضى الوقف، ولا أقل من أن يكون محل شك، والأصل الفساد، إذ هو كما ترى مناف للضرورة وما سمعته من إباحة ماله لا يقتضي ذلك، بل هو ظاهر في خلافه كظهور أدلة التمليك في ذلك أيضا، بل هو كالضروري من مذهبنا.
نعم قد يتوقف بناء على الصحة في تملك المسلم منه بالاغتنام ونحوه، لكونه وقفا لمسلم جامعا للشرايط، اللهم إلا أن يرجح ما دل على أن ماله فئ للمسلمين على ذلك بعد فرض تناول ذلك لمثل هذا المال له، كما أومأنا إليه سابقا، وهو أمر آخر غير ما نحن فيه، فتأمل جيدا والله العالم.
(و) أما القول بجواز أن (يقف) المسلم (على الذمي ولو كان أجنبيا) فهو محكي عن التذكرة والتبصرة، وموضع من التحرير والدروس وإيضاح النافع، بل لعله