(ولو وقف ولم يذكر المصرف بطل الوقف) على المشهور بل لم أقف فيه على مخالف إلا ابن الجنيد كما اعترف به في المسالك بل قد سمعت فيما سبق اجماعي الغنية السرائر على كونه معروفا متميزا، بل لعل كون الموقوف عليه من أركان العقد من ضروريات الفقه، بل لعل ابن الجنيد غير مخالف في ذلك، فإن المحكي عنه لو قال: صدقة لله ولم يذكر من يتصدق بها عليه جاز ذلك وكانت في أهل الصدقات التي سماهم الله تعالى وهو ليس خلافا في أصل اعتبار الموقوف عليه، بل هو دعوى انصراف ذلك إلى أهل الصدقات، وليس بأبعد من انصراف الوقف على مصلحة المسلمين باعتبار عودها إليهم.
ولعله لذا مال إليه في المختلف، واقتصر في الدروس على نقل القولين مشعرا بالتردد بل ربما يؤيده معلومية صحة الوصية بالثلث، وإن لم يعين مصرفه، ودعوى - عدم جواز ذلك أو اختصاص الوصية به دون الوقف مع أن كلا منهما عقد كما ترى، وكذا نذر الصدقة بالمال، وحينئذ فلا وجه لرده بأن الوقف يقتضي التمليك المستلزم لذات تقوم به، كما في كل عرض بالنسبة إلى جوهر، بل لا يخلو قوله من قوة.
نعم لو فرض ملاحظة الواقف عدم موقوف عليه اتجه البطلان فيه، بل وفي المصالح أيضا ونحوها، وأما إذا كان يكفي في ملاحظته ما يرجع إليه فهو مستحق في المقام فتأمل جيدا.
(وكذا لو وقف على غير معين كأن يقول: على أحد هذين، أو على أحد المشهدين أو الفريقين فالكل باطل) بلا خلاف أجده، بل في المحكي من اجماعي الغنية والسرائر اعتبار كونه معروفا متميزا مضافا إلى ما عرفت، من اقتضاء الوقف التمليك الذي لا بد له من مالك معين، ولو في ضمن عام أو مطلق، ولا يعقل تمليك ما ليس بمعين.
ولما في المسالك من أن الوقف حكم شرعي، فلا بد له من محل معين يقوم به، كما يفتقر مطلق العرض إلى المحل الجوهري، وأحد الأمرين كلي لا وجود له خارجا، وإن كان كل واحد منهما موجودا خارجا، ومقتضاه اختصاص البطلان بالمبهم الذي لا يتقوم في فرد في الخارج، أما لو كان الموقوف عليه أحدهما الصادق في كل منهما فلا بأس به، ولعله لقابليته حينئذ التمليك كغيره من المفاهيم الكلية المالكة والمملوكة، ولا دليل على اعتبار