لكن قال المصنف: (على الأشبه) مشعرا بوجود الخلاف فيه بيننا، ولم نجده كما اعترف به غيرنا أيضا، بل في محكي المبسوط أنه الصحيح على مذهبنا، بعد أن حكى في المسألة قولين الصحة والبطلان، وأن القائلين بالصحة منهم من قال: إنها تكون للعمر مدة بقائه ولورثته بعده، ومنهم من قال: إنه إذا مات رجعت إلى المعمر أو ورثته إن كان هو مات، وظاهره أن هذه الأقوال للعامة خصوصا بعد أن كان المحكي عن أكثر أصحاب الشافعي استظهار البطلان من قوله في القديم، إلا أبا إسحاق منهم، فإنه استظهر منه الصحة، والرجوع بموته إلى المالك أو ورثته، وأما القول بالصحة وأنها ترجع إلى ورثته الساكن، كالهبة فهو قوله في الجديد، فكان الذي ينبغي ترك قول المصنف " والأشبه " هذا كله مع الاطلاق.
(وأما لو قال فإذا مت رجعت إلى فإنها ترجع قطعا) بلا خلاف ولا إشكال بل عن المبسوط والخلاف اجماع الفرقة عليه، مع زيادة وأخبارهم في الثاني، وإن كان لا فرق بين ذلك والأول سوى التصريح وعدمه، وهو ليس فارقا كما هو واضح، والله العالم.
(ولو قال: أعمرتك هذه الدار لك ولعقبك، كان عمرى) فيجري عليها حكمها من لزومها ما دام العقب، فإذا انقرضوا رجعت المنفعة إلى المالك.
وأما العين فهي على ملك المالك (ولم تنقل منه إلى المعمر) بالفتح (وكان كما لو لم يذكر العقب، على الأشبه) بأصول المذهب وقواعده والنصوص المتقدمة سابقا بل في ظاهر المحكي من التذكرة في مواضع وجامع المقاصد الاجماع عليه.
لكن عن المبسوط، إذا قال: لك عمرك ولعقبك من بعدك، فإنه جائز، لما رواه جابر (1) " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه، فإنما هي للذي يعطاها لا ترجع للذي أعطاها، فإن أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ".
قيل وظاهر احتجاجه بالحديث لفتواه عمله بمضمونه، إذ لولا ذلك لكان احتجاجه بالأخبار التي ذكرها هو في التهذيب كرواية أبي الصباح وغيرها أولى، وفيه أنه يمكن