إذا كان للموصى له الرد.
أما لو فرض عدم الرد له لم يكن للوارث ذلك أيضا، كما لو مات بعد القبول والوفاة وليس في النصوص ما يدل على اعتبار قبول الوارث، كي يتمسك باطلاقه، الشامل لقبول الموصى له وعدمه، كما لا يخفى على من لاحظها هذا.
وقد أشار المصنف بقوله وإن تأخر إلى آخره، إلى عدم اعتبار اتصال القبول بالوفاة لو وقع بعدها، سواء قلنا باشتراط صحته بذلك أو لا لاطلاق الأدلة الشامل لذلك قطعا، ضرورة ندرة اتفاق حصول ذلك، بل تعذره فيما لو كان الموصى له غائبا مثلا فلا ريب ولا خلاف يعتد به في عدم اعتبار اتصال قبولها بالوفاة، فضلا عن عدم اعتبار اتصاله بالايجاب الذي هو معتبر في غيرها من العقود، بل الظاهر عدم تسلط الحاكم على جبره على القبول وعدمه، ما لم يستلزم ذلك ضررا وخصومة وتلفا للمال، باعتبار احتياجه إلى النفقة، وغيرها، وإلا كان له الزامه في وجه قوي بل لو تعذر اجباره أمكن تولي الحاكم ذلك فتأمل هذا.
ثم إن الظاهر جريان البحث المزبور في إجازة التنجيز بناء على اعتبار إجازة الوارث في الزائد على الثلث فتأمل، ولما كان قول المصنف " ما لم يرد " موهما لخلاف الواقع فصله بقوله (فإن رد في حياة الموصي، جاز أن يقبل بعد وفاته، إذ لا حكم لذلك الرد) وفاقا للمشهور.
بل وجهه واضح، بناء على أن القبول معتبر بعد الوفاة خاصة، ضرورة كون الوجه فيه أن ذلك الوقت محل القبول، والرد باعتبار التعليق في الايجاب عليه إذ هو يقتضي عدم حصول المقصود منه قبل حصول المعلق عليه، كتعليق الحج على الاستطاعة، ونحو قول السيد اضرب زيدا إن جاء عمرو، وصل الظهر إذا زالت الشمس، ونحو ذلك مما لا أمر فيه قبل تحقق المعلق عليه، فكذا هنا لا انشاء تمليك حقيقة إلا بعد الوفاة، وصدور العبارة من الموصي حال الحياة للاعلام بإرادة ذلك عند المعلق عليه، وللاكتفاء بها عن تجديد الأمر والانشاء عنده، ولعله لذا اعتبر في القبول كونه بعد الوفاة، كالرد، ضرورة عدم حصول متعلقهما قبلها.