(كتاب الوصايا) جمع وصية من أوصى يوصي، أو وصى يوصي، قال في الصحاح: " أوصيت له بشئ وأوصيت إليه إذا جعلته وصيك، والاسم معا الوصاية بالكسر والفتح، وأوصيته ووصيته أيضا توصية بمعنى، والاسم الوصاة، إلى أن قال ووصيت الشئ بكذا إذا وصلته به، وذكر غير واحد من الأصحاب أن الوصية منقولة من وصى يصي بالمعنى الأخير، لما فيها من وصل القربات الواقعة بعد الموت بالقربات في حال الحياة أو بالعكس أو وصل التصرف حال الحياة به بعد الوفاة، لكن ذلك كله كما ترى، والأولى نقلها من الوصية بمعنى مطلق العهد، يقال: أوصاه ووصاه توصية عهد إليه إلى خصوص ما يعهده الانسان بعد وفاته، بل الوصية بمعنى التمليك ألصق بهذا المعنى من الأول كما هو واضح، والأمر سهل.
(و) على كل حال ف (النظر في ذلك يستدعي فصولا).
(الأول: في الوصية وهي) إنشاء الموصى (تمليك عين أو منفعة بعد الوفاة) وهذه لا اشكال بل لا خلاف في أنها (تفتقر إلى ايجاب وقبول) للاجماع بقسميه على أنها حينئذ بحكم العقود المتوقفة على ذلك، وأنها بمنزلة الهبة والعطية والصدقة مضافا إلى أصالة عدم انتقال الملك من الموصي، وعدم دخوله في ملك الموصى له بدونهما، بل ليس في الشريعة في أسباب الملك ما هو كالايقاع في الحصول من جانب خاصة.
ودعوى صدق الوصية على الايجاب وحده، على وجه يشمل ما نحن فيه واضحة المنع، خصوصا بعد ظهور معظم اطلاقات الوصية فيها بمعنى العهد الذي يعهد