وقد عرفت تحقيق الحال في ذلك.
(ولا حكم للهبة) من ملك وغيره (ما لم يقبض) الموهوب على ما هو المعروف من مذهب الأصحاب كما في جامع المقاصد، وعليه المتأخرون إلا الفاضل في المختلف والشهيد في الدروس، والأكثرون من علمائنا في محكي السرائر، والمشهور في محكي إيضاح النافع، بل عن التذكرة بعد أن حكى القول بأن القبض شرط في اللزوم، لا الصحة عن ظاهر الشيخين.
وجماعة قال: " لا يحصل الملك بدونه عند علمائنا أجمع " والإيضاح: عليه اجماع الإمامية، ونص الأئمة، ونهج الحق: ذهبت إليه الإمامية، بل لعله مقتضى التدبر في المحكي عن الخلاف، وإن قال فيه لا تلزم إلا بالقبض مستدلا عليه بإجماع الفرقة و أخبارهم، إلا أن الظاهر إرادة الصحة من اللزوم فيه.
بل في الدروس لعل الأصحاب أرادوا باللزوم الصحة فإن في كلامهم اشعارا به، فإن الشيخ قال: لا يحصل الملك إلا بالقبض وليس كاشفا عن حصوله بالعقد مع أنه قائل بأن الواهب لو مات لم تبطل الهبة، فيرتفع الخلاف، نظر فيه المسالك بأن العلامة في المختلف نقل القولين، واحتج لهما ثم اختار الثاني، فيكف يحمل على الآخر.
نعم كلام الشيخ الذي نقله متناقض، وليس حجة على الباقين، فإن الخلاف متحقق، ثم قال: وفي التذكرة اتفق ما هو أعجب مما في الدروس فإنه قال: الهبة والهدية والصدقة لا يملكها المتهب والمهدى إليه والمتصدق عليه بنفس الايجاب والقبول إذا كان عينا إلا بالقبض، وبدونه لا يحصل الملك عند علمائنا أجمع، وهذا ظاهر في دعوى الاجماع على أن القبض شرط في الصحة اجماعا، وهو يؤيد ما في الدروس، وينافي ما في المختلف ويمكن أن يحمل على أنه لا يحصل بدونه الملك التام، وهو اللازم فيكون أعم من الصحة وعدمها لئلا ينافي فتواه في المختلف، ونقله الخلاف، وإن كان خلاف الظاهر.
قلت: الظاهر أن مراده في المختلف من الصحة الحاصلة بدون القبض صحة