وكيف كان فصريح الثاني - لظاهر الوصية بالولد، في الأول - كون الورثة صغارا والموصى ولي لهم، ومن هنا قال في الدروس مشيرا إلى الأول: " روى محمد بن مسلم جواز تفويض المضاربة إلى الوصي على نصف الربح مع صغر الأولاد وبها قال الجماعة، ونحوه ما عن المهذب البارع، قال هذه المسألة يوردها المصنفون في المضاربة والوصية وموضوعها في كتب الفقه والنص هو أن ينصب الانسان على أطفاله وصيا، ويأذن له في الاتجار بما لهم إلى آخره، ثم قال إن ألفاظ الفقهاء تختلف في التعبير عنها، وحكى بعض عباراتهم في المضاربة وبعضا في الباب وفي النافع تصح الوصية بالمضاربة بمال ولده الصغار.
لكن في المسالك " إن المصنف وأكثر الجماعة أطلقوا الصحة في الورثة الشامل للمكلفين، وشمل اطلاقهم واطلاق الروايتين ما إذا كان الربح بقدر أجرة المثل، وما كان زائدا عليها بقدر الثلث أو أكثر، وفي محكي الكفاية إن المشهور لم يعتبروا كون الأولاد صغارا، ولعل وجهه اطلاق ما دل على تنفيذ الوصية المقيد بالثلث إذا كانت الوصية مفوتة للمال على الورث، أو بالأعم من ذلك ومما فيه ضرر عليه، أما إذا لم يكن كذلك بل كانت الوصية تصرفا في المال على وجه لا تفويت فيه للمال على الوارث ولا ضرر فيه عليه، فليس في الأدلة ما يدل على تخصيص العمومات المزبورة المعتضدة بظاهر قوله " فمن بدله " وعموم " تسلط الناس " ومعلومية كون الوصية بعد الموت كالتنجيز في حال المرض بالنسبة إلى الممنوع منها والجائز، بل الدليل فيهما متحد كما اعترف به في جامع المقاصد.
ولا ريب في صحة المضاربة بأزيد من الثلث في حال المرض، ولو بحصة قليلة من الربح، كما أنه لا ريب في صحة بيع التركة كلها بثمن الثمل حال المرض، فينبغي أن يجوز الوصية به لاتحاد الدليل فيهما كما مال إليه في جامع المقاصد، بل حكي فيه عن الفاضل في التذكرة أنه قواه، وفي القواعد الاشكال فيه، وإلى نحو ذلك أشار في جامع المقاصد، والمسالك حيث وجهه بأن المقيد بالثلث هو تفويت بعض التركة وليس حاصلا هنا، لأن الربح مما تجدد بفعل العامل وسعيه، وليس ما يتجدد منه كالمتجدد من حمل