يحصل في زمان واحد مثل البيع والإجازة ونحوهما، وحينئذ فسبيته الهبة بناء على اعتبار ذلك في مفهومها ينافيها التراخي، بل لا أقل من الشك في شمول الأدلة لها معه، وبه يفرق بينه وبين غيره مما اعتبر القبض في الصحة كالوقف ونحوه، مما هو غير داخل في مفهومه، وإن اعتبر في ترتب أثر السبب عليه، لكونه شرطا له.
بل كان ذلك هو السبب في اتفاق القائلين بكونه شرطا للصحة على انتقال الملك به (من حين) ه أي (القبض، لا) أنه كاشف عن حصوله (من حين العقد، وليس كذلك الوصية فإنه يحكم بانتقالها بالموت مع القبول وإن تأخر) القبض عنهما لعدم مدخليته في الملك بها لاطلاق الأدلة كما تسمع تحقيق الحال فيه انشاء الله، مع أنه مقتضى القواعد - التي قررناها غير مرة في نظائره - كونه كاشفا، بناء على أنه من الشرائط فما ذاك إلا لعدم حصول الهبة إلا به، فلا سبب متقدم عليه حتى يكون هو شرطا كاشفا، إلا أن الجميع كما ترى، ضرورة عدم توقف الهبة بمعنى العقد عليه، وإن توقف بمعنى العطية، والكلام الآن في الأولى فليس هو حينئذ بالنسبة إليها إلا شرطا، وكان مقتضى ما عرفت أن يكون كاشفا لكن ظاهر ما دل على شرطيته مع الاجماع حصول النقل به لا قبله والله العالم.
المسألة (الثالثة: لو قال: وهبت ولم أقبضه كان القول قوله) بلا خلاف أجده فيه بل عن المبسوط والمهذب والتذكرة والتحرير والدروس والحواشي أنه كذلك وإن قال: مع ذلك خرجت منه المراد منه أني آذنت له في قبضه كل ذلك لما عرفت من عدم دخول الاقباض في حقيقة الهبة العقدية، بناء على انصراف الاطلاق إليها، ولا يقدح في ذلك كونه شرطا للصحة، فيكون انكاره كدعوى الفساد المعلوم تقدم دعوى الصحة عليها، لما في المسالك من الفرق بين الأمرين، فإن منكرا لاقباض لا يدعى فساد الهبة وإنما ينكر أمرا من الأمور المعتبرة فيها، وأنها لم تحقق بعد، كما لو أنكر الايجاب، والقبول، وإن اشترك الجميع في عدم صحة العقد بدونه، وهو تام لو كانت الدعوى من الواهب أما إذا كانت من وارثه التي هي دعوى الفساد بعد اقراره بأن مورثه قد وهب، ولكنه لم يقبض، بل قد يشكل ذلك فيه أيضا ضرورة أن مبنى عدم كون