تقتضي اعتباره أيضا حتى في الجهات العامة، بعد فرض مشروعيته فيها، على نحو فرض مشروعية غيره من العقود فيها، من الصدقة وغيرها، وإلا كان للوقف معنيان أحدهما عقدي، والآخر ايقاعي، وهو مناف للوحدة المزبورة، كما هو واضح ونافع وموافق للذوق السليم.
نعم قد يقال: إن الأصل يقتضي عدم اعتبار القربة في صحته، وإن كان هو خيرة الفاضل في القواعد، للأصل بعد اندراج فاقدها بناء على ما ذكرناه في العقود المأمور بالوفاء بها، وفي نحو قوله (1) " الوقوف على حسب ما يقفها أهلها " وقوله (صلى الله عليه وآله) (2) " حبس الأصل وسبل الثمرة " ونحوها، واطلاق الصدقة عليه في كثير من النصوص - بل لم يذكر فيما ورد مما أوقفوه (عليهم السلام) إلا بلفظ الصدقة، ومن المعلوم اعتبار القربة فيها خصوصا بعد الصحيحين (3) " لا صدقة ولا عتق إلا ما أريد به وجه الله عز وجل " بل هو دال عليه في الفرض، بناء على إرادة الوقف منه أو ما يشمله، وإرادة نفي الصحة فيه كما هو الأقرب للحقيقة لا الكمال، بل لو سلم اطلاقها عليه من باب المجاز فهو من التشبيه البليغ، أو الاستعارة المقتضيين للمشاركة في الأحكام الظاهرة التي لا شك في كون القربة منها، مؤيدا ذلك كله بما صرح به في وقوفهم من وقوع ذلك منهم ابتغاء وجه الله، - لا يقتضي ذلك، ضرورة عدم اقتضاء شئ من ذلك أن الوقف جميعه من الصدقة، بل أقصاه أن منه ما يكون كذلك، وهو ما قصد به وجه الله تعالى، وهو الذي وقع منهم (عليهم السلام) ولذا اتبعوه بذلك، ولا دلالة فيه على اعتبارها في صحته على وجه، بحيث لو وقف على ولده ونحوهم من دون ملاحظة القربة يكون باطلا، مع أن مقتضى ما سمعته من الاطلاقات صحته، وما من الغنية والسرائر من الاجماع على ذلك لم نتحققه، لخلو كثير من عبارات الأصحاب المشتملة على بيان شرائطه عنه.
نعم قد يقال: باستفادة رجحانه في نفسه عند الشارع على نحو رجحان النكاح