أولا، ولا معنى لصرف مثل ذلك إليها بعد فرض تشخصه في الخارج، ودعوى - تحقق الشرطية بذلك دون المقصود به غير الهبة - واضحة المنع، ولا ريب في أن الأصل عدم ترتب الأثر بعد فرض عدم اطلاق يوثق به في تناول مثله لتحقق الشرط المعلوم اشتراطه ويقبل قول كل من الواهب والمتهب في تشخيص القصد، فلو خالفه الآخر قدم بيمينه، لأنه أعلم بقصده، هذا كله في هبة غير المقبوض للموهوب له.
(و) أما (لو وهب ما هو في يد الموهوب له صح، ولم يفتقر إلى إذن الواهب في القبض، ولا أن يمضي زمان يمكن فيه القبض) بلا خلاف أجده بين من تأخر عن المصنف (و) لا إشكال.
نعم (ربما صار إلى ذلك بعض) من تقدمه من (الأصحاب) كالشيخ رحمه الله ويحيى بن سعيد فاعتبرا الإذن في القبض، ولو من إقراره له ومضى زمان يمكن فيه القبض، قال أولهما في المحكي عن مبسوطه: إذا وهب له شيئا في يده مثل أن يكون في يده وديعه فيهبها له نظر، فإن أذن له في القبض ومضى بعد ذلك زمان يمكن القبض فيه لزم العقد، وإن لم يأذن له في القبض فهل يلزم القبض بمضي الزمان الذي يمكن فيه القبض أو لا بد من الإذن في القبض، الأقوى أنه لا يفتقر إلى الإذن في القبض، لأن اقرار يده عليه بعد العقد دليل على رضاه بالقبض.
وثانيهما في المحكي عن جامعه إذا أذن له في قبضه ومضى زمان يمكن فيه القبض صحت الهبة، وفيه منع تناول دليل الشرطية لمثل الفرض فيبقى أصالة استقلال العقد بتسبيب الملك بحاله، وإلا لوجب ارجاعه ثم قبضه جديدا، لتحقق صدق القبض للهبة حينئذ حقيقة، فإن استدامة القبض ولو مع الإذن ومضى الزمان ليست قبضا حقيقة، ولو سلم فيكفي الإذن ولا يحتاج إلى مضي زمان قطعا، ووجه في المسالك بأن اقرار يده عليه بعد العقد دليل على رضاه بالقبض، فيكون ذلك كتجديد الاقباض فيعتبر مضي زمان يمكن فيه القبض، كما لو لم يكن مقبوضا بيده فأقبضه إياه فإنه يعتبر مضي زمان يكون فيه القبض، فكذا هنا، ثم أجاب عنه بما حاصله أن ايجاب العقد و اقرار يده على العين بعده دليل على رضاه بقبضه لها وليس هو اقباضا بل هو متحقق