نعم صرح جماعة باعتبار بذله على أنه عوض، وقبول الواهب له على ذلك، إذ هو حينئذ هبة جديدة، ولا يجب عليه قبولها، ولا بأس به، اقتصارا في الخروج عن أصل الجواز على المتيقن، ومنه يعلم المناقشة فيما في القواعد وبعض من تأخر عنها، من الاكتفاء بها ولو كان من بعضها، بل المتبادر من المعاوضة هو كون أحد العوضين غير الآخر، وإلا لزم صدق المعاوضة بدفعها جميعها إليه، ومن المعلوم كون مثله ردا لا معاوضة، كما هو واضح.
(وهل تلزم) الهبة (بالتصرف) في الموهوب غير المتلف لعينه؟ (قيل:) والقائل الشيخ والقاضي وأبو الصلاح وصاحب الرائع وابن حمزة في الواسطة وابنا إدريس وسعيد والآبي والفاضل وولده والشهيدان والمقداد (نعم) تلزم بذلك بل هو المشهور نقلا وتحصيلا. بل عن الخلاف نسبة ذلك في قصر الثوب - فضلا عن غيره من التصرف - إلى اجماع الفرقة وأخبارهم.
وفي محكي المبسوط نسبته إلى رواية أصحابنا، وأنه الذي يقتضيه مذهبنا، و عن السرائر وكشف الرموز الاجماع عليه، وهو الحجة مضافا إلى أصالة اللزوم وخصوص اطلاق ما دل عليه في الهبة بالقبض، وإن خرج عنه ما خرج.
وصحيح الحلبي (1) المشترط جواز الرجوع ببقاء الهبة بعينها قائمة بناء على انتقاء ذلك بمطلق التصرف وإلى منافاة الرجوع القواعد في خصوص التصرف الناقل للملك خصوصا إذا كان على وجه اللزوم، فإن التسلط على فسخه مناف لما دل على لزومه، و الزام المتهب بالقيمة مناف لقاعدة البراءة والضرر وغيرها، بل دليل الرجوع لا يقتضي إلا العين وكذا الكلام في التصرف المانع من الرد بالخيار فضلا عن المقام.
(و) لكن مع ذلك كله (قيل لا تلزم) بالتصرف (وهو الأشبه) عند المصنف خاصة وإن حكى عن المفيد وأبي الصلاح وابني حمزة وزهرة لكن في المقنعة الأول وكذا إذا أحدث فيها حدثا لم يكن له سبيل إلى الرجوع، وفي محكي الكافي للثاني في الهدية التي هي من الهبة وله الرجوع فيها ما لم يتصرف فيها من أهديت إليه وعن