نقلها عن ملكه نقلا لازما فقد قطعوا بلزومها حينئذ وإن فرض عودها إلى ملكه بعد ذلك بإقالة أو غير ذلك من وجوه النقل المتجدد، لبطلان حق الرجوع بذلك، فعوده يحتاج إلى دليل، ولو كان عوده بخيار، أو فسخ لعيب ونحوهما مما يوجبه من حينه فكذلك، لتحقق انتقال الملك مع احتمال عود الجواز، نظرا إلى ارتفاع العقد ووجوب سببه من حين العقد، ويضعف بأن الملك منتقل على التقديرين وإن كان متزلزلا، وقد صدر عن مالك وعوده إليه لم يبطل ذلك الملك، وإنما تجدد ملك آخر، ومن ثم كان النماء المتخلل لمن أنتقل إليه دون المتهب ".
إذ لا يخفى عليك ما فيه من الفرق بين الإقالة والفسخ بالخيار أولا، ومن دعوى سببية ملك جديد بالفسخ ثانيا، مستدلا عليه بالنماء، مع معلومية أن الملك إنما هو الأول ولكن عاد جديدا وتبعية النماء لذلك، وإنما الكلام في ظهور الصحيح المزبور باشتراط الرجوع ببقاء ملك الهبة على حاله الذي انتقل به وعدمه، كما أن الكلام في غير ذلك من محل الشك بالنسبة إلى الشرط المزبور كوطئ الأمة ورهن العين ومكاتبة العبد ونحو ذلك مما يرجع فيه إلى الأصل المزبور، مع فرض الشك في تحقق الشرط فيها فلا يلتفت هنا إلى ما يقال من اقتضاء ما قلناه ونحوها الخرق للاجماع المركب بإحداث قول جديد ضرورة عدم القطع بالمسألة حتى يترتب عليه ذلك، بل مدارها على الاجتهاد في مفاد الصحيح المزبور، وفي تأسيس الأصل المذكور، وقد بينا لك الحال بعد أن دفعنا إليك القسطاس المستقيم فزن به مستعينا بالله الرؤف الرحيم، ومنه يظهر لك ما في جملة من الكلمات المتأخرة عن المسالك، والله هو العالم والهادي.
(وتستحب العطية لذي الرحم) وإن لم يكن فقيرا بلا خلاف، ولا إشكال في شئ من ذلك، (وتتأكد في الوالد والولد) الذين هم أولى من غيرهم من الأرحام، لأنها من صلة الرحم المعلوم ندبها كتابا (1) وسنة (2) واجماعا بل لعله من الضروري بل في المسالك " وإنما تستحب عطية الرحم حيث لا يكون محتاجا إليه بحيث لا تندفع حاجته بدونها