الوصي للميت بدين له على رجل آخر مع شاهد آخر عدل فوقع (عليه السلام) " إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدعي يمين " إذ لا يخفى أن يمين المدعي مع العدل الواحد كاف في مثله، فلا يحتاج حينئذ إلى شهادته، فاعتبار اليمين معها كناية عن عدم - قبولها.
نعم لا خلاف كما اعترف به غير واحد، بل ولا اشكال في قبول شهادة الوصي فيما لم يكن وصيا فيه، لعموم ما دل على قبول شهادة العدل، ومن ذلك شهادته على الميت بدين، ولا ينافي ذلك ما في المكاتبة المزبورة، من أنه كتب إليه أيضا أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر عدل؟ فوقع (عليه السلام): " نعم من بعد يمين " فإن اعتبار اليمين هنا لا ينافي قبول شهادته، لكون الدعوى على الميت، فاعتبارها للاستظهار، كما لو كان الشاهد غيره، وهو واضح، وقد ظهر لك من ذلك كله أن الشهادة متى ما جرت نفعا لم تقبل، لكن على معنى رجوع الشاهد إلى كونه مدعيا، ولو باعتبار تعلق حق له فيما شهد عليه، فإن هذا القدر هو المسلم من هذه الكلية، وإن كان في كلمات الأصحاب أمثلة لها تقتضي الزيادة على ذلك، إلا أن إقامة الدليل بحيث يصلح للخروج عما دل على قبول شهادة العدل صعب، كما لا يخفى على من لاحظ كلامهم في هذا المقام، وإن كان ربما ذكر لذلك بعض التعليلات الاعتبارية التي لا تصلح مدركا للأحكام الشرعية، والرجاء من الله تعالى أن يأتي زيادة تحقيق لذلك في محله فإنه قد أشبعنا الكلام فيها في كتاب الشهادات فلاحظ وتأمل فإنه ربما كان بعض الاختلاف بين المقامين.
(و) على كل حال فمقتضى ما ذكرنا أنه (لو كان وصيا في اخراج مال معين فشهد للميت بما يخرج به ذلك المال من الثلث لم تقبل) لما فيها من اثبات حق له، اللهم إلا أن يفرض على وجه لا يكون له حق أصلا، فإنه يتجه القبول حينئذ، وقد يقال: إن مجرد وصايته على اخراج المال المعين لغيره ليس حقا يمنع من قبول شهادته.
نعم لو كان المال عايدا له، اتجه عدم القبول حينئذ لما ذكرناه فتأمل جيدا.