ربما استدل له بما في صحيح صفوان (1) السابق في مبحث القبض " إن كان أوقفها لولده و لغيرهم، ثم جعل لها قيما، لم يكن له أن يرجع فيها " إلى آخره.
وبما في التوقيع السابق (2) فإن ذلك جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيما عليها، ولا يجوز لغيره، إلا أن الثاني منهما إنما هو في الناظر، ضرورة كون الوقف فيه خاصا عليه، فلا يراد من القيم فيها إلا الناظر في عمارتها، وأداء خراجها ومؤنتها وايصال ما بقي من دخلها إليه، وأما الأول منهما - فهو مع أن من الموقوف عليه ولده، ولم يتعرض فيه لقبضهم أو للقبض عنهم، والقيم لا يجدي بالنسبة إليهم - ظاهر في الاكتفاء في مثل هذا الوقف بذلك، ولا يحتاج إلى قبض، ولا دلالة فيه على ما ذكروه من النصب المزبور قبل الوقف أو بعده.
بل لعل التزام ذلك أولى منه، بدعوى أنه لا دليل على اعتبار القبض في مثل الفرض، لاختصاص أدلته بما لا يشمله، فاطلاق الأدلة وعمومها بحاله بالنسبة إلى نفي شرطيته فيه، وحينئذ فما ذكروه لا يخلو من اشكال، خصوصا بعد اعترافهم بأن المراد مما أطلقه المصنف وغيره من النصب، الحاكم، لا ما يشمل ذلك.
(ولو كان الوقف على مصلحة) كالقنطرة والمسجد ونحوهما (كفى ايقاع الوقف عن اشتراط القبول) عند المصنف وجماعة، بل في المسالك أن وجهه ظاهر، لأن القبول يكون من الموقوف عليه، وقد عرفت أن الموقوف عليه في مثل ذلك هو الجهة، ولا يعقل اعتبار قبولها، بخلاف ما لو كان الوقف على معين، فإن قبوله ممكن.
وإن كان لا يخفى عليك ما فيه، ضرورة كون القبول جزء من الوقف الذي قد عرفت الاجماع على أنه من العقود، فهو أولى من القبض الذي هو شرط على فرض اعتباره، و تكلفوا حصوله بقبض الناظر والحاكم وغيرهما، وقد مر تحقيق المسألة، وقلنا الظاهر وحدة سببية الوقف، لا أنه عقد في المعين، وايقاع في غيره، وقد استظهرنا كونه عقدا في الجميع، فلا بد من القبول من الحاكم أو منصوبه في المفروض، فضلا عن سابقه.