بل ربما يومئ في الجملة إلى ما قلناه وجوب القيام بما تقتضيه النظارة عليه مع عدم الرد لكونه من مقتضى العقد المزبور، بل وما ذكروه أيضا من أنه إن اشترط الواقف له شيئا من الثمرة عوضا من عمله جاز، وليس له أزيد منه وإن كان أقل من الأجرة وإن أطلق فله أجرة مثل عمله إن لم يرد التبرع، ضرورة ابتناء التزامه بالعوض القليل على كونه من مقتضى العقد اللازم الذي لا وجه عند التأمل في جواز رده بعد قبوله، مع أن المردود من أجزاء مقتضاه، فتأمل جيدا فإنه دقيق.
ولو جعل النظارة لاثنين مثلا اشتركا فيها على وجه لا يجوز لأحدهما الاستقلال على ما صرح به غير واحد ولا بأس به مع قصد الواقف ذلك لعموم (1) " المؤمنون " (2) " والوقوف " المقتضي جواز جميع الصور المتصورة في المقام من الاستقلال والاشتراك في الجميع والبعض وغيرهما مما لم يكن فيها مانع من الشرع.
ولكن هل يحمل على الاشتراك المزبور بمجرد تعدد الناظر لا يخلو من اشكال، كالاشكال في استقلال الآخر لو مات أحدهما أو انعزل بفسق ونحوه، كما أوضحنا ذلك في الوصي الذي لا مقتضى للفرق بينه وبين الناظر في مثل هذه الأحكام التي مرجعها إلى فهم معنى، أو عموم دليل أو نحو ذلك، ومنه يعلم ما في المسالك من أنه لو اختص أحدهما بالعدالة أو بقي عليها ضم إليه الحاكم حيث لا يكون منفردا وانضم إلى الموقوف عليه إن انتقل إليه النظر كما تقدم، فلاحظ وتأمل.
ثم إن وظيفة الناظر مع الاطلاق ما يتعارف من ذلك من العمارة والإجارة و تحصيل الغلة وقسمتها على مستحقها، وحفظ الأصل ونحو ذلك مما لا يجوز لغيره بعد فرض اشتراط النظر المنصرف عرفا إلى تولي شئ من ذلك.
وفي التوقيع (3) وأما ما سألت عن أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة فيسلمها من يقوم بها ويعمرها ويؤدي من دخلها خراجها ومؤنتها ويجعل ما بقي من الدخل لناحيتنا، فإن ذلك لمن جعله صاحب الضيعة لا يجوز ذلك لغيره.