ولو وقف عليها بقصد الوجه الذي يجوز له امساكها والنظر فيه جاز، لكونه حينئذ طاعة إلا أن الفرض لما كان نادرا أطلقوا المنع من الوقف عليها، كاطلاقهم المنع على الحربي، و البيع مع امكان فرض جهة راجحة يجوز لها ذلك، لكنه بعد تسليم امكان فرضه خروج عن محل البحث كما هو واضح. هذا كله في وقف المسلم.
(و) أما (لو وقف الكافر) على البيع والكنايس أو أحد الكتابين (جاز) بلا خلاف أجده فيه كما عن المقتصر الأعراف به بل عن ظاهر التنقيح الاجماع عليه.
نعم في جامع المقاصد بعد أن أفتى بالجواز قال: " وفيه وجه آخر " وعلى كل حال فالمعروف الأول: اقرارا لهم على دينهم، لكن في المسالك هو يتم بناء على عدم اشتراط القربة، أما معه فمشكل من حيث إن ذلك معصية في الواقع، فلا يتحقق معنى القربة بها إلا أن يراد قصدها في الجملة وإن لم تحصل، أو قصدها ممن يعتقد حصولها، و هذا هو الظاهر، والأصل في ذلك ما عن الآبي في كشفه قال: سألت المصنف عن وجه عدم الصحة أي الذي ذكره في النافع، فأجاب بأنه يمكن أن يقال: إن نية القربة شرط في الوقف، ولا يمكن ذلك في الكافر، فلا يصح منه الوقف.
وناقشه فيه بأن لقائل أن يمنع المقدمتين، والوجه الصحة، إذ كل قوم يدينون بدين ويعترفون بمعبود يتوجهون إليه، وتبعهما في الرياض، فإنه بعد أن حكى عن المصنف احتمال عدم الجواز لتعذر النية قال: وفيه نظر، لاختصاصه بالمعطلة و الدهرية.
وفيه أن الجواز الاقرار غير محتاج إلى شئ من ذلك، ضرورة أنه كوقف الخنزير ونحوه، وأما الجواز الواقع الذي ينبغي فرضه في الجامع لشرائط الصحة عندنا، سوى أنه من كافر لاقى نحو المقام الذي باطل عندنا، والفرض اشتراكهم في الفروع معنا، و حينئذ فلا ريب في الفساد بناء على أن الوقف من العبادات المعتبر فيها النية المتوقفة على تحقق الأمر، وليس هي إلا بالصحيحة الجامعة للشرايط التي منها الاسلام، ودعوى الاتفاق على الصحة من الكافر في وقفه الجامع يقتضي ما أشرنا إليه من عدم اعتبار نية القربة فيه، وإلا لم يكف القصد المزبور، ضرورة شرطية الاسلام في صحة عباداتهم