وهو غير اعتبار النية فيه على وجه يلحقه بالعبادات، على بحث يأتي فيه، أنه هل هو اسم للصحيح منه أو للأعم، وأن القربة في الصيغة، أو في القبض والاقباض وغير ذلك مما لا يخفى على الفقيه بأدنى ملاحظة القطع بعدمه، خصوصا بعد معلومية عدم اعتبار ما يعتبر في الصدقة في الموقوف عليه من فقر ونحوه، بل ستسمع انشاء الله تصريحهم بجوازه على الكافر، وبصحة وقف الذمي على البيع والكنايس، ومنه ومن العامي المعلوم عدم صحة عباداتهما لفقد الايمان، ولعله لذا وغيره اعترف غير واحد من المحققين هنا بعدم الدليل على الاشتراط هنا، وفي الأول أي القبول بأن الأولى اعتباره حتى في الجهات العامة لما ظهر من ذلك، فتأمل جيدا فإن كثيرا من الكلمات هنا غير نقية، بل ظاهرة في التشويش من أهلها، والله العالم.
(و) كيف كن ف (لا يلزم) عقد الوقف (إلا بالاقباض) الذي هو القبض بالإذن فلكل منهما حينئذ فسخه قبله، وهذا لا ينافي كونه مع ذلك من شرائط الصحة التي هي بمعنى ترتب الأثر من ملك الموقوف عليه المنفعة وغيره كما سيصرح به المصنف وغيره، بل فرعوا عليه البطلان بموت الواقف قبله وغيره، ضرورة كون المراد هنا بيان عدم اللزوم قبله كما عن بعض العامة أو بيان أن وقوع العقد لا يقتضي وجوب الاقباض الذي هو من شرائط الصحة، وإن توهم من نظير المقام جمعا بين قوله تعالى (1) " أوفوا " وما دل على اعتباره في الصحة التي هي بمعنى ترتب الملك ونحوه إذ هو - مع أنه مناف لأصالة البراءة وغيرها - لا يوافق ما دل هنا على اعتباره مما هو كالصريح بل صريح في الإذن بالفسخ قبل حصوله، وأنه لا إثم عليه.
قال صفوان في الصحيح (2) " سألت عن الرجل يوقف الضيعة ثم يبدو له أن يحدث في ذلك شيئا؟ فقال: إن كان وقفها لولده ولغيرهم، ثم جعل لها قيما لم يكن له أن يرجع، وإن كانوا صغارا، وقد شرط ولايتها لهم حتى يبلغوا فيحوزها لهم لم يكن له أن يرجع فيها، وإن كانوا كبارا ولم يسلمها إليهم، ولم يخاصموا حتى يحوزونها عنه،