الوافي خبر الصدقة بأنهم أرادوا الفتوى بالمنع من ذلك في النحل فأخطأوا، فمنعوا منه في الصدقات، وذلك لأنهم أطلقوا الصدقة وأرادوا به النحلة.
وعلى كل حال يكون الموضوع فيهما حينئذ هبة ما لم يقبض للواهب ولم يقسم كذلك وهو غير ما نحن فيه مضافا إلى ما في التنقيح - من أنه لا دلالة في الرواية على المدعى، وإنما هي حكاية قول الناس وخطأهم فيه وتبين فيها الحق - وإلى ما فيها من مخالفة الاجماع من الفرق بين الهبة والنحلة وإلى احتمال كون المراد في الصدر بيان حكم هبة ما لم يكن مقبوضا للواهب من أملاكه كميراث لم يصل إلى يده أو قبل أن يقسمه، وفي ذيله بيان عدم جوازها بدون قبض الموهوب، والتعبير بالنحلة، لا للفرق بينها وبين الهبة، بل تفننا في التعبير وإلى غير ذلك مما يقطع ببعضه بسقوط دلالته على المطلوب فضلا عن جميعه.
ومن ذلك يعلم الكلام في دعوى دلالة خبر عبد الرحمان بن سيابة (1) عن أبي عبد - الله (عليه السلام) " إذا تصدق الرجل بصدقة أو هبة قبضها صاحبها أو لم يقبضها علمت أو لم تعلم فهي جائزة ".
ضرورة إمكان إرادة الواهب من الصاحب لا الموهوب، بل ربما احتمل فيه وفي غيره إرادة اللزوم من الجواز كما في كثير من النصوص فيكون حينئذ خارجا مخرج التقية، وإن كان هو بعيدا في مثل الخبر الأول الذي ذكر التعريض بهم فيه، وإرادة أصل المشروعية بمعنى عدم وقوع عقد الهبة باطلا بحيث لو جاءه القبض بعد ذلك لم يصح و غير ذلك فلا محيص حينئذ عن القول باعتبار القبض في الصحة على وجه لا يترتب عليه ملك قبلها إلا على احتمال الكشف الذي هو قوي في نفسه، وقد قررناه في نظائره غير مرة إلا أن الاجماع بحسب الظاهر هنا على خلافه، وأما الاستدلال بما في بعض النصوص (2) من الخيار في الرجوع وعدمه قبل القبض لا بعده فلا خيار، ففيه مؤولة عند الفريقين بإرادة الكراهة ونحوها للاتفاق على الجواز بعد القبض من الجميع.
(ولو أقر) الواهب (بالهبة والاقباض، حكم عليه بإقراره) لعموم " اقرار