أن يتصرف في تركته لورثته، ويتجر لهم بها، ويأخذ نصف الربح كان ذلك جائزا وحلالا له نصف الربح، أورد ذلك شيخنا في نهايته، إلا أن الوصية لا تنفذ إلا في ثلث ما كان يملكه الميت قبل موته، والربح متجدد بعد موته، فكيف تنفذ وصيته وقوله فيه، وفي الرواية نظر " وظاهره بطلان هذه الوصية من رأسها كابن أبي ليلى، باعتبار كون متعلقها الربح الذي ليس من أمواله، ووصيته إنما تنفذ في الثلث، وهذا ليس منه، لا أنها صحيحة في الفرض بمقدار الثلث، وكيف مع أنه لم يوص بالثلث، بل هو فيه كالثلثين للوارث.
نعم لو كان قد أوصى به وأخرجه عن الوارث، ثم أوصى بالمضاربة به فلعل لازم كلام ابن إدريس الفساد، وإن كان لم يتعرض لذلك، ولا ريب في صحته، لعموم أدلة الوصية، فيصح تعلقها بمثل ذلك، لكونه من التوابع، فتأمل جيدا.
ومن ذلك ينقدح الوجه في تعرض الأصحاب لهذه المسألة، وكون الغرض منها الرد على ابن إدريس وابن أبي ليلى، حيث أنهما أبطلا هذه الوصية، وجعلاها من قسم الوصية بالباطل، والتحقيق صحتها مطلقا سواء كان الوراث صغيرا مولى عليه أو كبيرا، وإن توقفت في الثاني على الإجازة سواء كان متعلق الوصية مقدار الثلث أو لا، وسواء كانت الحصة من الربح زائدة على أجرة المثل أو لا، وسواء كانت بمقدار الثلث أو لا، وسواء كانت متعلقة بالثلث الذي أخرجه عن ملك الوارث أو لا، كل ذلك لعموم أدلة الوصية وللخبرين السابقين، بل يمكن جوازها في مال الأطفال مع عدم المفسدة، وإن لم يكن لهم مصلحة، بناء على جواز ذلك للولي الاجباري والفرض أنه قد أذن للوصي في ذلك. وبه يفرق بين ما إذا لم يوص بذلك، بل اقتصر على جعل وصي عليهم، فإنه يجوز له المضاربة بمالهم بنفسه أو لغيره، لكن مع المصلحة، بخلاف ما إذا نصف الولي على ذلك، فإنه يكفي فيه حينئذ عدم المفسدة، فلا بأس بكثرة الحصة أو قلتها، واطلاق الأصحاب في المقام و المضاربة إنما هو لبيان صحة الوصية على الوجه الذي عرفت، ردا على ابن أبي ليلى وابن إدريس، القائلين ببطلانها، سواء كان الوارث صغيرا أو كبيرا، أجاز أو لم يجز، كما يومئ إلى ذلك اختلاف تعبيرهم عن ذلك، كما اعترف به ابن فهد في مهذبه على حسبما عرفته، والمقصود ما عرفت، فما توهمه بعض الناس - من هذه العبارات المختلفة أشد اختلاف حتى أثبت منها حكما جديدا مخالفا للأصول والضوابط وصحح المضاربة من الموصي بالتركة،