الانتفاع به للأكل ونحوه مما ينافي الاستمرار على إرادة الوصية فإن كان مثل ذلك يقتضي الرجوع فهو في الجميع، وإلا فلا، وإن كان قد يمنع دلالة ذلك على إرادة الأكل ونحوه، وبعد التسليم قد يمنع اقتضاء ذلك انشاء الرجوع والفسخ للوصية، فإنه يمكن اجتماع الاستدامة عليها مع هذه الإرادة، إلا إذا كان المقصود ابطالها بالأكل أو لم يخطر له ذلك بباله.
وبالجملة الفسخ كالعقد لا بد له من انشاء إرادة له سواء كان بفعل أو قول، فتأمل جيدا فإنه دقيق، ومنه ينقدح لك النظر في كثير من كلماتهم في المقام بل من التأمل فيما ذكرناه هنا تعرف ما في كثير مما أطنبوا به من الأمثلة وغيرها، ولو رجع عن المصرف بأن أوصى لزيد بعين ثم لعمرو بأخرى وقصر الثلث، ثم أوصى بالأولى لبكر، فالأقرب تقديم وصية عمرو على الوصية لبكر لتقدمها عليها فيدخل النقص على المتأخرة، وإن كان لولا رجوعه عن الأولى لكان النقص عليها لأنها المتأخرة والله هو العالم.
الفصل (الثاني في الموصي: ويعتبر فيه كمال العقل) الجاري مجرى غالب العقلاء (والحرية فلا تصح وصية المجنون) مطبقا كان أو أدوارا، إذا كان قد أوصى حاله، بلا خلاف ولا اشكال لسلب عبارته.
نعم لا تنفسخ بعروضه كالاغماء ونحوه مما لا عقل معه، وإن استمر إلى الموت للأصل وكونها عقدا جائزا لا يقتضي مساواتها له في كل شئ، ولذا كان الموت محققا لها من طرف الموصي لا فاسخا بخلاف باقي العقود الجائزة، وتصريح الأصحاب بصحة وصية ذوي الأدوار كالنص على الصحة، وإن تعقب الجنون، على أن الأصحاب إنما اشترطوا العقل لا استمراره، بل صرح بعضهم كثاني الشهيدين والمحققين بعدم اشتراطه، بل عن الأول منهما أن في صحيح أبي ولاد تنبيها على ذلك، مريدا به ما روي عن الصادق (عليه السلام) (1) في وصية القاتل لنفسه، إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا إلى آخر ما تسمعه انشاء الله، باعتبار ظهوره في صحة الوصية مع تعقبها بالفعل المانع من التصرف، فكذلك غيره من الموانع، ولا بأس به، وإن كان العمدة