نعم يتم ذلك بناء على أن هذه الخصوصية شرعية على نحو خصوصية الموقوف عليه ملك العين الموقوفة، وخصوصية ملك أم الولد، وغير ذلك مما ثبت من الشرع، و يبقى المطالبة في دليل هذه الخصوصية، وليس فيما نجد إلا الخبران المزبوران.
ولكن يشكل الخروج بهما عن مقتضى القواعد، مع عدم استدلال أحد من الأصحاب بهما على ذلك، اللهم إلا أن يقال بكفاية عمل المشهور على ما يوافقهما ولا ريب في أنه أحوط.
(وإذا حبس حبس فرسه) مثلا (في سبيل الله تعالى) شأنه (أو غلامه في خدمة البيت أو المسجد لزم ذلك، ولم يجز تغييره ما دامت العين باقية) بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به الحلي وغيره، قال في المحكي من نوادر قضاء سرائره: " إذا كان الحبس على مواضع قرب العبادات مثل الكعبة والمشاهد والمساجد، فلا يعاد إلى الأملاك، ولا تنفذ فيه المواريث، لأنه بحبسه على هذه المواضع، خرج عن ملكه عند أصحابنا بلا خلاف، مضافا إلى ما تقدم من النصوص في الصدقة (1) المتضمنة لعدم جواز الرجوع في كل ما يعطى لله تعالى شأنه، بل صريح ما سمعته من الحلي نفي الخلاف في الخروج عن الملك، فضلا عن اللزوم، لكن في المسالك ظاهر العبارة أنه لا يخرج عن ملك المالك، حيث حكم بلزومه، وعدم جواز تغييره ما دامت العين باقية ".
وفيه منع الظهور المزبور، ولعل السيرة قديما وحديثا في فرش المساجد والمشاهد المشرفة بناء على أنه منه على ذلك، بل لعل قصد الحابس ذلك أيضا، بل ربما كان ثوب الكعبة الذي قد تضمنت بجواز أخذ القطع منه عند انتهاء عمره للتبرك من أيدي الخدمة منه أيضا.
بل قد يقال: أن مقتضى السيرة الاكتفاء فيه بالفعل بهذا العنوان فلا يحتاج صحته بل ولا لزومه إلى لفظ، فضلا عن أن يكون عقدا محتاجا إلى القبول من الناظر، أو الحاكم، لكن عن التحرير واللمعة وصيغ العقود والمسالك والروضة والتنقيح والتذكرة التصريح بكون الحبس عقدا بل قيل: إنه ظاهر الباقين، ويمكن إرادتهم غير المفروض،