الصفة - من جهة بعثها على التورع عن المحارم واجتناب الكبائر - أو هي التورع والاجتناب المسببان عن تلك الصفة، ويكون تعريفها بالملكة حينئذ إما لجزئيتها لها أو سببيتها.
وما ذكر إنما يرد على القائلين بالملكة لو أرادوا بها المعنى الأول، أما لو أرادوا الثاني فيكون من ذكر نقضا داخلا في العدول، لأن تركه لا محالة مسببه عن هيئة وصفة نفسانية.
نعم، يشترط أن تكون هذه الصفة حسنة، كما يشعر به قولهم: " عن محارم الله أو الكبائر " يعني: أن تكون لأجل كونه محارم الله أو معصية كبيرة، لا أن تكون هذه الصفة رياء أو خوفا من الناس - مثلا - فإنه بنفسه معصية، وليس تركا لمحارم الله، بل ترك للزنا مثلا.
وكذا نقول: إن من (يفسر) (1) العدالة بالأوصاف المذكورة لا يريد منها نفس عدم وجود المعاصي، فإنه لا يقال في العرف لمن ليس له الآلة أو لم يتمكن أو وجد له المانع: إنه كاف، أو مجتنب، أو متورع، أو تارك، بل لا تصدق عليه هذه العنوانات إلا مع كونه كذلك مع وجود الآلة والتمكن، أو فرضهما، وأن يكون بنفسه تاركا مجتنبا في مدة يحكم فيه العرف بحصول صفة الكف والترك والاجتناب، كما يشعر به عنوان حسن الظاهر، ولا يتحقق ذلك إلا إذا استند الاجتناب إلى جهة في النفس.
وعلى هذا، فيحصل التلازم بين الهيئة النفسانية وبين الاجتناب والترك بالمعنى الذي ذكرنا لهما، بل يمكن أن يقال: إنهما يتحدان.
ثم لو اختلج لك إباء في بعض ما ذكرنا، فنقول: لا شك في أن