ومفاد رواية المجالس (1): أن من ولد على فطرة الإسلام ولم تر بعينك أنه يذنب ولم يشهد به عدلان فهو من أهل العدالة.
ومعنى رواية سماعة (2): أن من اجتمعت خصال ثلاث فيه - وهي:
عدم الظلم عند المعاملة، وعدم الكذب عند المحادثة، وعدم الخلف عند المواعدة - فهو ممن ظهرت عدالته.
وقد يقال: إنه إن كان المراد من هذه المفادات أن بتوسط تلك الأمور تعرف العدالة إما لكونها هي هي أو لوازمها وخواصها، فيحصل التعارض بين تلك الأخبار الثلاثة وبين الصحيحة بالعموم والخصوص المطلق، إذ مفاد الصحيحة: أن العدالة ملكة الستر والعفاف والكف واجتناب الكبائر ومواظبة الصلوات الحاصلة للمسلم.
أو تعرف بهذه الأمور، إما من جهة أنها هي، أو أنها من لوازمها الغير المتخلفة عنه.
ومفاد الثلاثة: أنها الإسلام وعدم العلم بارتكاب الفسق، أو: الإسلام والعلم بعدم الظلم والكذب والخلف بشئ.
ولا شك أن الأخيرين أعم مطلقا من الأول، فيجب تخصيصهما به، سيما مع ضعف أسناد الثلاثة وصحة هذه، ومعاضدة الصحيحة بالشهرة القويمة القديمة والجديدة، بل بالإجماع، ومخالفة الثلاثة لعمل المتقدمين والمتأخرين - بحيث صارت شاذة، كما صرح به في الشرائع (3) - وموافقة الصحيحة لأصالة عدم ثبوت العدالة لغير من اتصف بهذه الأوصاف.