علماء الأخلاق، وهي التي عدها في رواية سماعة (1) - المشتملة على تعداد خمسة وسبعين من جنود العلم والجهل - من جند العلم، وهي التي عرفوها في بيان الحديث بأنها ملكة لزوم الاقتصاد في كل شئ من الأخلاق والأعمال ومعاملات الناس، من غير ميل إلى طرفي الإفراط والتفريط..
وهذه الملكة لا تحصل إلا بمجاهدة، وتكرار أعمال، ومزاولة الأمور، ولا تزول بفعل خلافها مرة أو مرات.
وثانيهما: صفة نفسانية أخرى غير ملكة العدالة، بحمل النفس على ترك محارم الله والتقوى، كخوف من الله دينا أو دنيا، أو طمع في ثوابه، أو إجلال له جل جلاله، أو نحو ذلك..
وذلك مثل الشجاعة والسخاوة، فإن الشجاعة بنفسها ملكة يقتدر بها على خوض الأهوال، ومعاركة الأبطال، وتلزمها جرأة وقوة قلب، وقد لا تكون لأحد هذه الملكة، فلا جرأة له ولا قوة قلب، ولكن يخوض المعارك لصفة نفسانية أخرى، كغيرة، أو حمية، أو حب شخص، أو بغضه، أو حفظ مال، ونحو ذلك، وكذا السخاوة.
والملكة بهذا المعنى لا يحتاج حصولها إلى مزاولة (وتكرار فاعل) (2)، بل قد تحصل دفعة، كما إذا حصل خوف من الله يوجب ترك جميع المحرمات.
نعم، لا يكون إلا من صفة أخرى كامنة في النفس، كالغيرة بالنسبة إلى الشجاعة، فإنه قد يشجع الجبان بملاحظة أمر ينافي الغيرة، فيخاصم الشجعان، وهذا هو الذي يزول بفعل خلافه ولو مرة.
ولكن العدالة حينئذ ليست مجرد الصفة المذكورة، بل هي إما هذه