- وهي المعبر عنها بملكة العدالة، التي هي تعديل القوى النفسانية وإقامتها بين طرفي الإفراط والتفريط - فلا منع في تحققها في غير المسلم، كسائر الصفات النفسانية.
وإن أريد العدالة الشرعية - أي ما اعتبرها الشارع وجعلها شرطا لأمور - فلا دليل على ثبوتها لغير المسلم وكونها صفة ممكنة التحقق فيه، بل الظاهر من الصحيحة كونها أفعالا أو ملزومة لأفعال لا تكون في غير المسلم، من كف الجوارح الأربع - أي مما حرمه الله تعالى في دين الإسلام - والاجتناب عن الكبائر التي أوعد الله عليها النار في القرآن، وملازمة الصلوات الخمس، وحفظ مواقيتهن، ولزوم جماعتهن وجماعة المسلمين.
فإن قيل: الكف عن المعاصي والاجتناب عن الكبائر كم يكون للمسلمين يكون لغيرهم أيضا بعد بذل جهده وإتعاب نفسه في تحقيق الحق.
قلنا: الظاهر المتبادر أن المراد بما يكف عنه والكبائر التي يلزم الاجتناب عنها هي المحرمات في دين الإسلام وما هي كبيرة فيه مطلقا، وعدم كون بعضها محرما أو كبيرة في غير دين الإسلام أو حرمة غيرها فيه إنما يوجب عدم ترتب المعصية على ارتكابه وترتبها على ارتكاب غيره لو كان ممن بذل جهده على تحقق العدالة بمحض اجتناب ما هو محرم في دينه.
وإن توهم عموم الرجل في الصحيحة (1)، فيحمل ما يكف عنه ويجتنب على ما هو محرم عنده.