بل وكذا الظاهر أنه ليس كلامهم في القسم الثاني، لأنهم يقولون:
ضابط مستند الشهادة العلم، ولا معنى لكون العلم مستند العلم.
إلا أن يتكلم فيه في أنواع العلوم، أي في أن أي علم يعتبر شرعا، حتى يجوز للشاهد أن يجعله مبنى الشهادة، ويشهد شهادة علمية بسببه؟
فيقولون: إنه يجب أن يكون المستند في المبصرات حسن البصر مثلا، ولا تجوز الشهادة العلمية فيها بالعلم الحاصل من السماع.
أو يتكلم فيه فيما يفيد العلم ولا يفيده، حتى يجوز بواسطته الإخبار بالعلم بالمشهود به، أو لا يجوز.
ولكنهما خلاف الظاهر من مرادهم.
فكلامهم على هذا إنما هو في القسم الثالث، يعني: أن مستند الشهادة - بالملك المطلق مثلا، أو اشتغال الذمة المطلق، أو غيرهما - ما هو، وفي أي مقام تصح وتجوز له الشهادة بالمطلق، وفي أيه لا تصح؟
وأما على الثاني، فيكون المراد: أن الحاكم بأي شهادة يجوز له الحكم أو يجب؟ أبالمستند إلى العلم، أو يجوز العمل بالمستند إلى الظن أيضا؟
وعلى الأول: فبالمستند بأي علم؟ فهل يختص بالعلم الحاصل من حسن البصر في المبصرات، وحسن السمع في المسموعات، وهكذا، أو يحكم بالمستند إلى العلم مطلقا ولو بالحاصل من السماع في المبصرات؟
وعلى هذا، لا يكون كلامهم إلا في القسم الأول، إذ في القسمين الأخيرين لم يذكر مستند ولا سبب حتى يقال: إنه هل يجوز للحاكم الحكم به أم لا؟
نعم، يمكن أن يكون هناك كلام آخر، وهو: أنه هل يجوز للحاكم