مضافا إلى أن في تصريح السائل ب: " كونه مع الباطل " - بحيث يدل على شدة ظهور كونه معه عنده - إشعارا ظاهرا بأن المراد منه ما كان مع التكلم بالأباطيل.
فإن قيل: هذه الأخبار وإن لم تثبت التحريم إلا أن الروايتين المذكورتين في تفسير الآية الثانية - المتضمنتين لقوله: " إن الغناء مما أوعد الله عليه النار " (1) - تدلان على حرمته، بل كونه من الكبائر.
قلنا: لا دلالة لهما إلا على حرمة بعض أفراد الغناء، وهو الذي يشترى به ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوا، ألا ترى أنه لو قال أحد:
أمر الأمير بضرب البصري، قال: اضرب زيدا البصري.. أو في قوله:
اضرب زيدا البصري، يفهم أنه مراده من البصري دون المطلق..
ولو أبيت الفهم فلا شك أنه مما يصلح قرينة لإرادة هذا الفرد من المطلق، ومعه لا تجري فيه أصالة إرادة الحقيقة، التي هي الإطلاق.
فلم يبق دليل على حرمة مطلق الغناء، سوى قوله سبحانه:
* (واجتنبوا قول الزور) * (2) بضميمة تفسيره في الأخبار المتقدمة بالغناء.
إلا أنه يخدشه أنه يعارض تلك الأخبار المفسرة ما رواه الصدوق في معاني الأخبار عن الصادق (عليه السلام): قال: سألته عن قول الزور، قال: " منه قول الرجل للذي يغني: أحسنت " (3).
فإن الأخبار المتقدمة - باعتبار الحمل - تدل على أن معناه الغناء، وذلك يدل على أنه غيره، أو ما هو أعم منه، بل فيه إشعار بأن المراد من