الحديث، وأنه بعض ما قال الله سبحانه، فيشعر بأن المراد من لهو الحديث معناه اللغوي والعرفي الذي فرد منه الغناء، وهو لا يصدق إلا على الأقوال الباطلة والملهية لا مطلقا.
فلم يبق من الآيات الكريمة إلا الأولى، وسيجئ الكلام فيها.
وأما الأخبار، فظاهر أن الروايات المانعة عن بيع المغنيات وشرائهن والاستماع منهن (1) لا دلالة لها على حرمة المطلق، إذ لا شك أن المراد منهن ليس من من شأنها أن تتغنى وتقدر على الغناء، لعدم حرمة بيعها وشرائها قطعا، بل المراد الجواري اللاتي أخذن ذلك كسبا وحرفة، كما هو ظاهر الأخبار المانعة عن كسبهن وأجرهن (2).
وعلى هذا، فتكون إرادتهن من المغنيات - الموضوعة لغة لمن تغني مطلقا، إما مع بقاء المبدأ أو مطلقا - مجازا، فيمكن أن يكون المراد بهن اللاتي كن في تلك الأزمنة - وهن اللاتي أخذنه كسبا وحرفة في محافل الرجال والأعراس - بل الظاهر أنه لم تكن تكسب بغيرهما، وفي رواية أبي بصير المتقدمة - المقسمة لهن إلى اللاتي يدخل عليهن الرجال، واللاتي تزف العرائس - دلالة على ذلك.
وأما سائر الروايات، فبكثرتها وتعددها خالية عن الدلالة على الحرمة جدا، إذ لا دلالة - لعدم الأمن من الفجيعة، وعدم إجابة الدعوة، وعدم دخول الملك، وكونه عش النفاق، أو مورثه، أو منبته، أو كونه من الباطل، أو الحشر أعمى وأصم وأبكم، أو بعث الشيطان للضرب على الصدر، أو تعقيب الفقر، أو عدم سماع صوت الروحانيين، أو إعراض الله عن أهله -