هذا، والمعروف من التعاليم السماوية أنها تعطي للجانب العملي أهمية خاصة مع الحفاظ على تقوية الجانب الروحي في آن واحد، وبهما يرتفع الانسان من حضيض النفس البهيمية إلى ذروة المجد والمراتب الكمالية، حتى يعد بمنزلة الملائكة، بل بمنزلته تبارك وتعالى، كما ورد في قوله عز من قال: (عبدي أطعني تكن مثلي، أو مثلي).
ولقد تألق علماؤنا وفقهاؤنا في عكس الصورة الواضحة والسليمة عن أسس ومبادئ الدين الاسلامي الحنيف الذي يمثل مرحلة الكمال في التعاليم السماوية، فهو الناسخ لكل الأديان والرسالات التي انتشرت قبله، ثم إنه لا شريعة بعده مطلقا.
وإننا والحال هذه نجد أنفسنا أمام كنز غني من الفكر والثقافة يدعو أهل الفن والخبرة إلى السعي لإظهاره بالشكل المطلوب، بل إن التضلع باحيائه يعد محورا مهما من محاور تحقق المجد والسعادة.
وللمناسبة فإن إطلاق لفظة (الاحياء) كان من باب الكناية والمجاز، وإلا فإن التراث حي حاضر لا غبار عليه، سيما وأنه مستنبط من شريعة خاتم المرسلين والأئمة الميامين صلوات الله عليهم أجمعين، التي تكاملت بحذافيرها - على المشهور من مذهب الأصوليين - في زمنه صلى الله عليه وآله، أو أن خطوطها العريضة وكلياتها قد بينها بنفسه صلى الله عليه وآله وأوكل التفصيل والتوسعة فيها إلى الأئمة عليهم السلام، كما هو رأي البعض.
ويشهد للقول المشهور، قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا﴾ (1).