وأما عن الخصوصات: فبمنع دلالة غير الأخيرتين (منها) (1).
أما الأوليان: فلخلوهما عما يفيد وجوب الغسل المفيد للنجاسة.
وكذا الثانيتان، لاحتمالهما النفي الغير المفيد إلا للمرجوحية الشاملة للكراهة، بل يتعين حملهما عليها، لتصريح الثانية بكرية الماء، وظهور الأولى فيها أيضا، كما هي المستفادة من النقيع، ومن كونه معرضا لهذه الأمور.
مضافا: إلى أن لشمول الدواب لغير الثلاثة أيضا - مما لا خلاف في طهارة فضلته، كالبعير والبقرة - تكون دلالته موقوفة على تخصيص الدابة، وأولويته من حمل النهي على الكراهة غير ثابتة.
ومنه يظهر عدم دلالة البواقي أيضا، مضافا إلى ما في أولاها من ظهور تحقق الأمور الثلاثة من بول الدواب، وولوغ الكلب، وغسل الجنب. وفي ثانيتها، من عدم دلالة البأس مع عدم الجفاف على النجاسة بوجه. وفي ثالثتها من ظهور قوله: " فله غسله " (2). في عدم الوجوب.
وأما الأخرتان وإن دلتا بظاهريهما ولكن حملهما على مطلق رجحان الغسل متعين، لما ذكرنا من الأدلة، لا لأجل أن أحد المتعارضين يحمل على الاستحباب، كما توهم وطعن به على المجتهدين بأنه من أين علم أن الحمل على الاستحباب من وجوه الجمع (3)؟ بل لأن مثل ما ذكر قرينة عرفا على إرادة مطلق الرجحان، كما في العام والخاص المطلقين.
ولو أغمض عن ذلك، وبني على التعارض، فالترجيح لما ذكرنا أيضا، لمخالفة معارضه لشهرة القدماء وعمل صاحب الأصل، بل للاجماع، الموجبة لخروجه عن الحجية، ومع ذلك موافق لمذهب العامة، ومناف لقاعدة نفي الحرج، فتعين تركه.