الوجه الأول: ان الأثر العقلي انما لا يترتب على المستصحب الا على القول بالأصل المثبت لو كان من آثار الوجود الواقعي للمستصحب، اما إذا كان من آثار ثبوت المستصحب للأعم من الواقعي والظاهري، فلا مانع من التعبد بالمستصحب بلحاظه لترتبه عليه عقلا، ولا يكون ذلك من الأصل المثبت، وذلك نظير وجوب الإطاعة، فإنه يترتب عقلا على وجود الحكم أعم من الواقعي والظاهري، فيصح التعبد بالحكم، ويكون أثره العملي الإطاعة. وما نحن فيه كذلك، فان المجعول يترتب على الجعل بوجوده الواقعي والظاهري، فالجعل الظاهري يستتبع المجعول ظاهرا. وعليه، فنفي الجعل ظاهرا يستتبع نفي المجعول، لأنه من آثار عدم الجعل الواقعي والظاهري. اذن فلا يكون استصحاب عدم الجعل من الأصول المثبتة، بل يترتب الأثر العملي عليه بلا محذور.
وذكر في اثبات ذلك: بأنه لولا ذلك لما صح استصحاب عدم النسخ، لان مرجعه إلى استصحاب بقاء الجعل، مع أن جريانه وترتب الأثر عليه من المسلمات لدى الكل ولا يتوقف فيه أحد، وليس ذلك الا لان المجعول لازم للجعل أعم من الوجود الواقعي والظاهري.
الوجه الثاني: ان الجعل والمجعول متحدان وجودا كالايجاد والوجود، وانما هما يختلفان اعتبارا وبالإضافة، فهما كالتصور والمتصور، فإنه لا وجود حقيقة للتصور في غير وجود المتصور.
وعليه، فاستصحاب الجعل بنفسه اثبات للمجعول بلا ملازمة وترتب، كما أن استصحاب عدم الجعل بنفسه اثبات لعدم المجعول بلا ملازمة (1).
وقد بنى السيد الخوئي (حفظه الله) على هذا الوجه، جريا على ما التزم