في الآية انما هو بلحاظ مقام العمل والامتثال والتنجيز والتعذير، دون مطلق آثار العلم العقلية والشرعية، فلا نظر لها إلى التعبد الاستصحابي الثابت في مورد عدم العلم.
وبالجملة: لا اطلاق في الآية بلحاظ جميع آثار العلم فلا حظ.
واما الامر الثاني: فالخدشة في الاستدلال به من جهتين:
الأولى: ان حصول العلم الحقيقي والمعرفة الحقيقية بواسطة الطرق العلمية للمجتهد في الصدر الأول غير بعيد، لقرب العهد بزمان الأئمة المعصومين (عليهم السلام) - فان شانهم شان المقلدين في زماننا في معرفة فتاوى مقلديهم بالمعرفة الحقيقة أو العادية لتوفر الطرق العلمية لذلك -، فيكون اطلاق المعرفة من باب الفرد الغالب في زمان الحكم. وإن لم تتحقق فيما بعد زمانه بمدة، كما في زماننا هذا.
مع، انه يمكن تحقق ذلك في زماننا بالنسبة إلى المجتهد، لأنه يعرف كثيرا من الأحكام الواقعية كالضروريات، وما استفيد من السنة المستفيضة والمتواترة.
وهذا المقدار كاف في صحة اطلاق " عرف أحكامنا " عليه.
الجهة الثانية: ان الاحكام أعم من الأحكام الواقعية والظاهرية. ولا يخفى ان المجتهد عارف بالاحكام الظاهرية حقيقة، لان الأدلة الظنية علمية بالنسبة إلى الحكم الظاهري، وان كانت ظنية بالنسبة إلى الحكم الواقعي.
ولو أبيت إلا عن ظهور الاحكام في الأحكام الواقعية وانصرافها إليها، فالامر حينئذ يدور بين ابقاء لفظ المعرفة على معناه الحقيقي وظاهره الاستعمالي، والتصرف في لفظ الاحكام بحملها على الأعم من الواقعية والظاهرية. وابقاء لفظ الاحكام على معناه الاستعمالي الظاهر، والتصرف في لفظ المعرفة بحملها على الأعم من المعرفة الحقيقية والمعرفة التنزيلية. ولا مرجح لاحد الظهورين على الاخر، فلا يتم الاستدلال بالرواية.