الموافقة، يكون التعارض بين الامارتين فقط فيتساقطان، فيجري الاستصحاب حينئذ في طرفه، لعدم المعارض، وعدم الوارد لعدم العمل بالأمارتين. وأما مع عدم تمامية الورود - كما قربناه - وكون الاستصحاب في عرض الامارة الموافقة، كان التعارض بين كل من الامارة والاستصحاب في هذا الطرف والامارة في الطرف الاخر، فيسقط الجميع عن العمل للتعارض.
ومما ينبغي أن يعلم: أن هذه الثمرة انما تتم لو بني - في صورة كون أحد الطرفين في العلم الاجمالي مجرى لأصل، والطرف الاخر مجرى لأصول طولية بعضها في طول بعض - على كون المعارضة في الأصول المذكورة بين الأصل في أحد الطرفين والأصل الأول الا سبق رتبة في الطرف الاخر. أما لو بني على كون المعارضة بين هذا الأصل وجميع الأصول الطولية - كما عليه المحقق النائيني (قدس سره) (1) -، فلا تتم الثمرة ولو قيل بالورود، لان المعارضة على القول به بين الامارة في أحد الطرفين والامارة والاستصحاب في الطرف الاخر أيضا.
وكلام المحقق النائيني وان كان ناظرا إلى التعارض الحاصل بين الأصول، ولكن ما ذكره من الدليل على مدعاه يشمل الامارات أيضا لا خصوص الأصول، فالتفت.
والذي تبين من جميع ما ذكرناه في المقام: أن الوجه في تقديم الامارة على الأصل الاستصحابي هو ورودها عليه، وانه لو تنزلنا عن دعوى الورود، فلا بد من الالتزام بالتخصيص ولو كان بين دليليهما عموم من وجه، لعدم تمامية دعوى الحكومة. (2)