وقد بنى عليه المحقق العراقي (1) أيضا الا ان تعبيره اختلف عن تعبير المحقق النائيني فقد التزم (قده) ان قيام الامارة - بمقتضى دليل الاعتبار - يحقق غاية الاستصحاب وهو اليقين ولم ير بأنه يرفع موضوعه وهو الشك. ولعله لاجل ان موضوع الاستصحاب ليس عبارة من عدم العلم كي يكون اعتبار العلم رافعا لموضوعه بل عبارة عن امر وجودي وهو الاحتمال الذي يصل إلى حد العلم. ومن الواضح ان اعتبار أحد الضدين لا يلازم اعتبار عدم الضد الاخر فالتلازم بين الواقعين لا يستلزم التلازم بين الاعتبارين. وعليه فاعتبار العلم لا يلازم اعتبار عدم الاحتمال الخاص فلا يكون اعتباره رافعا لموضوع الاستصحاب.
ولكن لا يخفى عليك قوله (ع): " ولكن تنقضه... " ليس انشاء لحكم جديد أو تحديدا للاستصحاب وانما هو عبارة أخرى عن ارتفاع موضوعه فهو بصدد بيان ارتفاع الاستصحاب عند ارتفاع موضوعه بلحاظ ملازمة اليقين لعدم موضوع الاستصحاب فليس له عنوانان أحدهما اخذ في الموضوع واخر اخذ في الغاية. بل ليس إلا فرد واحد وهو المأخوذ في الموضوع فإذا فرض انه وجودي أشكل القول بالحكومة على هذا الرأي من هذه الجهة. فانتبه.
وأما ما أفاده المحقق النائيني في الاستدلال على كون التقدم من باب الحكومة من: أن التحقيق كون المجعول في الامارة هو الطريقية وتتميم الكشف والغاء احتمال الخلاف وما أشبه ذلك - لا المنجزية، لاستلزامه تخصيص الحكم العقلي بقبح العقاب بلا بيان وهو غير قابل للتخصيص ولا جعل المؤدى، لمحذور اجتماع الحكم الواقعي والظاهري - وحينئذ يرتفع موضوع الاستصحاب تعبدا عند قيام الامارة، وهو معنى الحكومة، لأنه أوجب التصرف في عقد الوضع (2).